العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

الأمومة السامة

مؤخرا‭ ‬فوجئت‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بل‭ ‬والمجتمع‭ ‬بأكمله‭ ‬بقيام‭ ‬ولية‭ ‬أمر‭ ‬بتوصيل‭ ‬ابنها‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية،‭ ‬وتركه‭ ‬أمامها،‭ ‬وغادرت‭ ‬رغم‭ ‬كون‭ ‬أبواب‭ ‬المدرسة‭ ‬مغلقة،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬إجازة‭ ‬رسمية،‭ ‬ونظرا‭ ‬إلى‭ ‬انتباه‭ ‬أخصائي‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬المدرسية‭ ‬لوجود‭ ‬الطفل‭ ‬خارج‭ ‬المدرسة،‭ ‬فقد‭ ‬سارع‭ ‬إلى‭ ‬إبلاغ‭ ‬إدارة‭ ‬المدرسة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بدورها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإرشاد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بحماية‭ ‬الطفل‭ ‬داخل‭ ‬المدرسة،‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬ولية‭ ‬أمره،‭ ‬والتحقق‭ ‬من‭ ‬توصيله‭ ‬وعودته‭ ‬إلى‭ ‬منزله‭ ‬سالما‭.‬

حقيقة‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬خلفيات‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬الشاذة،‭ ‬ولا‭ ‬نملك‭ ‬إصدار‭ ‬الأحكام‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأم،‭ ‬ولكن‭ ‬دعونا‭ ‬نتوقف‭ ‬هنا‭ ‬عند‭ ‬قضية‭ ‬مهمة‭ ‬للغاية‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬التربويون‭ ‬‮«‬التواجد‭ ‬الإيجابي‮»‬‭ ‬للأم‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الأبناء،‭ ‬والذي‭ ‬يقاس‭ ‬بمعيار‭ ‬الكيف‭ ‬وليس‭ ‬الكم‭..‬

‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬نشرته‭ ‬مجلة‭ ‬بيكيا‭ ‬بادريس‭ ‬الإسبانية‭ ‬أوضحت‭ ‬الكاتبة‭ ‬ماريا‭ ‬خوسيه‭ ‬رودان‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السلوكيات‭ ‬السلبية‭ ‬للأطفال‭ ‬ترتبط‭ ‬بالممارسات‭ ‬السيئة‭ ‬للآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬أثناء‭ ‬تنشئة‭ ‬أبنائهم،‭ ‬وبأن‭ ‬الأمهات‭ ‬الفاعلات‭ ‬هن‭ ‬من‭ ‬يعتنين‭ ‬باحتياجات‭ ‬أطفالهن‭ ‬العاطفية‭ ‬والنفسية،‭ ‬وهن‭ ‬من‭ ‬يقدمن‭ ‬الرعاية‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬الإيجابية‭ ‬والصحية‭.‬

كلنا‭ ‬عرفنا‭ ‬في‭ ‬طفولتنا‭ ‬لحظات‭ ‬ومواقف‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬ولادة‭ ‬جديدة،‭ ‬وعندما‭ ‬نعود‭ ‬بالذاكرة‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬نقول‭ ‬لأنفسنا‭ ‬إنه‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬أصبحت‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬أنا‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح،‭ ‬شتداويها‭ ‬الأيام‭ ‬ولا‭ ‬السنون‭ ‬حتى‭ ‬الممات‭!‬

من‭ ‬هنا‭ ‬نؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬الأم‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬بنوعيها،‭ ‬فمن‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تصلح‭ ‬طفلها‭ ‬فلتصلح‭ ‬أولا‭ ‬نفسها،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬اليوم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬ثمرة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬والإعلام‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

لنعلم‭ ‬جميعا‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نحقق‭ ‬السلم‭ ‬والسلام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فعلينا‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬من‭ ‬تربية‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬تتطلب‭ ‬تضافر‭ ‬جهود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الأم،‭ ‬وإن‭ ‬أسوا‭ ‬جريمة‭ ‬هي‭ ‬إهمالهم،‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬يكتسبونه‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬سيحدد‭ ‬شخصياتهم‭ ‬ومصيرهم‭ ‬وإنتاجيتهم‭ ‬من‭ ‬الخير‭ ‬أو‭ ‬الشر‭.‬

نعم،‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬أمومة‭ ‬مثالية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬أصبحت‭ ‬فيه‭ ‬معظم‭ ‬الأمهات‭ ‬مطحونات‭ ‬بين‭ ‬مسؤولياتهن‭ ‬المتشعبة‭ ‬الأسرية‭ ‬والعملية،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬الأسس‭ ‬والخصائص‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬الأمومة‭ ‬الصحية‭ ‬أو‭ ‬الأمومة‭ ‬السامة‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا