العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

الحيوانات البشرية

تابعنا‭ ‬جميعا‭ ‬وبكل‭ ‬أسى‭ ‬قصة‭ ‬نيرة‭ ‬صلاح‭ ‬الزغبي‭ ‬الطالبة‭ ‬في‭ ‬الفرقة‭ ‬الأولى‭ ‬بكلية‭ ‬طب‭ ‬بيطري‭ ‬جامعة‭ ‬العريش،‭ ‬والتي‭ ‬توفيت‭ ‬مؤخرا‭ ‬بعد‭ ‬تعرضها‭ ‬للابتزاز‭ ‬بصور‭ ‬خاصة‭ ‬التقطتها‭ ‬لها‭ ‬إحدى‭ ‬زميلاتها‭ ‬في‭ ‬السكن،‭ ‬وهددتها‭ ‬بنشرها،‭ ‬وسط‭ ‬شكوك‭ ‬حول‭ ‬انتحارها‭.‬

نيرة‭ ‬لم‭ ‬تتحمل‭ ‬الكارثة،‭ ‬ويقال‭ ‬إنها‭ ‬أنهت‭ ‬حياتها‭ ‬بسبب‭ ‬تلك‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬حِيكت‭ ‬ضدها‭ ‬لاغتيالها‭ ‬معنويا‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬زملائها‭ ‬الذين‭ ‬أشبعوها‭ ‬تهديدًا‭ ‬وتنمرًا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬عدة‭ ‬تساؤلات‭:‬

إلى‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬تنتمي‭ ‬زميلتها‭ ‬هذه‭ ‬التي‭ ‬صورتها‭ ‬سرًا‭ ‬في‭ ‬الحمام؟

وأي‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬البشاعة‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الحيوانية‭ ‬يحملها‭ ‬هذا‭ ‬الزميل‭ ‬الذي‭ ‬هددها‭ ‬بفضحها‭ ‬على‭ ‬جروب‭ ‬الدفعة‭ ‬وتذللت‭ ‬إليه‭ ‬للتراجع‭ ‬عن‭ ‬مخططه،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬جريمته‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬أجرى‭ ‬بكل‭ ‬سفالة‭ ‬تصويتا‭ ‬على‭ ‬الجروب‭ ‬على‭ ‬ميعاد‭ ‬نشر‭ ‬الصور؟؟‭!‬

والسؤال‭ ‬الأهم‭: ‬

من‭ ‬أين‭ ‬يأتي‭ ‬أمثال‭ ‬هؤلاء‭ ‬بهذا‭ ‬الشر؟‭! ‬

وهل‭ ‬بالفعل‭ ‬وكما‭ ‬يؤكد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬يتسم‭ ‬بوحشية‭ ‬سامة‭ ‬قاتلة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة‭ ‬الشيطانية‭ ‬التي‭ ‬جعلتنا‭ ‬نعيش‭ ‬أبشع‭ ‬عصر‭ ‬مع‭ ‬أبشع‭ ‬بشر؟

لقد‭ ‬تحول‭ ‬الابتزاز‭ ‬الإلكتروني‭ ‬إلى‭ ‬وباء‭ ‬متفشٍ‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬المعاصر،‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ ‬فتاك‭ ‬لا‭ ‬يحمله‭ ‬سوى‭ ‬الجبناء،‭ ‬وما‭ ‬أكثرهم‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬انحدرت‭ ‬فيه‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬جريمة‭ ‬أخلاقية‭ ‬مُدانة‭ ‬شرعًا‭ ‬وتشريعيًا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نحصن‭ ‬ونؤمن‭ ‬أنفسنا‭ ‬وأبناءنا‭ ‬ضده‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القيام‭ ‬بالدور‭ ‬الوقائي‭ ‬التربوي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نفتقده‭ ‬بشدة‭ ‬اليوم‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد‭.‬

إن‭ ‬الوعي‭ ‬ضد‭ ‬المبتزين‭ ‬والمتنمرين‭ ‬قد‭ ‬يجنب‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬الوقوع‭ ‬ضحايا‭ ‬لمرتكبي‭ ‬تلك‭ ‬الجرائم‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها،‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬نيرة‭ ‬تحمل‭ ‬قدرًا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوعي‭ ‬لكانت‭ ‬قد‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬أهلها‭ ‬دون‭ ‬تردد‭ ‬أو‭ ‬خوف،‭ ‬ولكانت‭ ‬موجودة‭ ‬بينهم‭ ‬الآن‭.‬

يقول‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬ولا‭ ‬تعتدوا‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬يحب‭ ‬المعتدين‭)!‬

وعن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يحل‭ ‬لمسلم‭ ‬أن‭ ‬يروع‭ ‬مسلما‮»‬‭!‬

هكذا‭ ‬نهى‭ ‬ديننا‭ ‬عن‭ ‬ابتزاز‭ ‬الآخرين‭ ‬أو‭ ‬الاعتداء‭ ‬عليهم،‭ ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬يتوفر‭ ‬هذا‭ ‬الوازع‭ ‬الديني،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬القانون‭ ‬لردع‭ ‬إساءة‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل،‭ ‬وإلى‭ ‬تغليظ‭ ‬عقوبة‭ ‬هذا‭ ‬الترويع‭ ‬الممارس‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬درجة‭ ‬القتل‭.‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬نيرة‭ ‬وأمثالها‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬الحيوانات‭ ‬البشرية‭!!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا