أكد وانغ يي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية الصيني أن استمرار الصراع في غزة أسفر عن كارثة إنسانية يجب ألا تحصل، وقد تجاوز الخط الأحمر للحضارة الحديثة، على مدى نحو نصف عام، قد أدى الصراع إلى مقتل وإصابة أكثر من مائة ألف شخص ونزوح أكثر من مليون شخص، فلا بدّ أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل.
وأضاف في مقابلة نشرتها وزارة الخارجية الصينية: يعد الدفع بتحقيق وقف إطلاق النار ومنع القتال في أسرع وقت ممكن مقدمة الأولويات في الوقت الحالي. إن إطالة الحرب تعني تحديا متزايدا لضمير البشرية وتقويضا مستمرا لأساس العدالة. بفضل الجهود المشتركة المبذولة من قبل كل الأطراف، اعتمد مجلس الأمن الدولي مؤخرا أول قرار يطالب بوقف إطلاق النار منذ اندلاع الصراع في غزة، يكون هذا القرار ملزما، فلا بد من تنفيذه بشكل فعال، بهدف تحقيق الوقف الفوري والدائم وغير المشروط لإطلاق النار.
وشدد على أنه من الضروري ضمان وصول الإغاثة الإنسانية بشكل مستدام ومن دون عوائق، لأنه مسؤولية أخلاقية لا تتحمل أي تأخير.
وقال «يرفض الجانب الصيني رفضا قاطعا منذ بداية الصراع التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين والعقاب الجماعي بحق سكان غزة، ويدعم بنشاط إقامة آلية الإغاثة الإنسانية في أسرع وقت، ويقدم مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة باستمرار».
كما شدد على أنه من الضروري تصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في وقت مبكر، باعتباره حلا جذريا للصراع في غزة. أثبتت هذه المحنة في غزة مجددا أن عدم تمكن الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة منذ زمن طويل هو المصدر للقضية الفلسطينية وجوهر قضية الشرق الأوسط. لا يمكن الخروج النهائي من دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإزالة التربة التي تغذي الأفكار المتطرفة والكراهية بشكل جذري، وإحلال السلام الدائم في المنطقة، إلا من خلال إعادة العدالة للشعب الفلسطيني وتنفيذ «حل الدولتين» بشكل حقيقي وتسوية الهموم الأمنية المشروعة لكل الأطراف سياسيا.
وأشار إلى أن مياه البحر الأحمر ممر دولي مهم لنقل البضائع والطاقة، فإن صيانة السلام والأمن والأمان في البحر الأحمر لأمر يسهم في الحفاظ على انسياب سلاسل الصناعة والإمداد العالمية ونظام التجارة الدولية، ويتفق مع المصالح المشتركة لدول المنطقة والمجتمع الدولي. أعرب الجانب الصيني عن انشغاله الشديد إزاء التصاعد المتواصل للأوضاع المتوترة التي يشهدها البحر الأحمر منذ فترة، وما نتج عن ذلك من التداعيات السلبية على مصالح دول المنطقة لا سيما الدول المطلة على البحر الأحمر، وزيادة المخاطر الأمنية في المنطقة برمتها، والتأثيرات السلبية على انتعاش الاقتصاد العالمي.
وتطرق إلى أن الموقف الصيني من الأزمة الأوكرانية دائم وواضح وشفاف. ليست الصين صاحب الشأن في الصراع، وليست صانعا للأزمة، لكنها لم تتفرج بعد. ظل الجانب الصيني يسعى إلى وقف إطلاق النار وإنهاء القتال على مدى أكثر من سنتين منذ التصعيد الشامل للأزمة. أجرى الرئيس شي جينبينغ تواصلا شخصيا وبشكل معمق مع قادة الدول بما فيها روسيا وأوكرانيا، مشددا على أن مفاوضات السلام هي المخرج الوحيد، آملا من جميع الأطراف أن تعمل سويا على تهيئة الظروف المواتية لحل الأزمة سياسيا عبر الحوار. كما أصدر الجانب الصيني ورقة الموقف على وجه الخصوص، وبعث الممثل الخاص إلى الدول المعنية لأكثر من مرة للقيام بالوساطة المكوكية ونقل الرسائل وتوضيح المواقف، من أجل دفع كل الأطراف إلى إيجاد القواسم المشتركة وترك الخلافات جانبا وبلورة التوافقات.
في الوقت الراهن، ما زالت هناك مخاطر التفاقم والتصعيد لهذه الأزمة، لذا ينبغي للمجتمع الدولي أن يعزز التضامن، ويحشد الجهود لتحقيق السلام، ويتخذ إجراءات ملموسة لتهدئة الصراع.
ويتعين علينا أن نتمسك دائما بالحل السياسي. لا ينتهي الصراع أو الحرب، أيا كان، في ساحة المعركة، بل على طاولة المفاوضات. يدعم الجانب الصيني عقد مؤتمر سلام دولي مقبول لدى الجانبين الروسي والأوكراني في وقت مناسب بمشاركة كل الأطراف على قدم المساواة.
وبشأن تايوان قال وزير الخارجية الصينية إن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين منذ القدم. ينص «إعلان القاهرة» الصادر عن حكومات الصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عام 1943 بكل وضوح على إعادة تايوان التي سرقتها اليابان إلى الصين. وتنص المادة الـ8 من «إعلان بوتسدام» الصادر في عام 1945 والهادف إلى إنهاء الحرب العالمية الثانية على أنه «يجب تنفيذ بنود إعلان القاهرة». كما أكد قرار الأمم المتحدة رقم 2758 مجددا على مبدأ الصين الواحدة بوضوح. شكلت هذه الصكوك الدولية الملزمة قانونيا جزءا من النظام الدولي لما بعد الحرب، ورسخت الأساس التاريخي والقانوني لكون تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضي الصين. لذلك، إن مسألة تايوان هي من الشؤون الداخلية الصينية بحتا، وسبل إعادة توحيد الوطن الأم هي من شؤون الصينيين على جانبي المضيق بأنفسهم. سنسعى إلى إعادة التوحيد السلمي بأقصى جهد وأصدق نية. في الوقت نفسه، يكون خطنا الأحمر واضحا جدا أيضا، ألا وهو عدم السماح لأي أحد بفصل تايوان عن الصين بأي شكل من الأشكال.
وعن الانتخابات الأمريكية والعلاقة مع الولايات المتحدة، قال وزير خارجية الصين إن العلاقات الصينية الأمريكية تخص رفاهية الشعبين وتخص مستقبل البشرية والعالم. في نوفمبر الماضي، عقد الرئيس شي جينبينغ لقاء ناجحا مع نظيره الأمريكي جو بايدن في سان فرانسيسكو تلبية لدعوة الأخير، حيث توصل الرئيسان إلى «أفق سان فرانسيسكو» الموجه نحو المستقبل. إن موقف الجانب الصيني من تحسين العلاقات الصينية الأمريكية صادق، وإن علاقات قابلة للتوقع ومستدامة وسليمة ومستقرة بين الصين والولايات المتحدة تمثل نعمة للشعبين وشعوب العالم.
وفي الوقت نفسه، رأينا أن الفهم الخاطئ من الجانب الأمريكي تجاه الصين ما زال قائما، وسياسته الخاطئة لاحتواء الصين ما زالت جارية. في الفترة الأخيرة، واصل الجانب الأمريكي استمالة ما يسمى بحلفائه لتأجيج الأوضاع في البحار الإقليمية باستمرار والإسراع بتشكيل منظومة احتواء الصين وتشديد العقوبات الأحادية الجانب وفرض الحصار التكنولوجي على الصين. يجب على الجانب الأمريكي ألا ينظر دائما إلى هذا العالم من منظور الحرب الباردة أو بعقلية اللعبة الصفرية، وألا يقول شيئا ويفعل شيئا آخر دائما. إن عيون شعوب دول العالم ثاقبة، والشعوب في الشرق الأوسط على دراية أكثر بمن يقف إلى الجانب الصحيح للتاريخ والعدالة. إن ما تأتي به الصين لهذا العالم هو التعاون والتنمية والاستقرار والكسب المشترك. لا توجد أي قوة قادرة على عرقلة تنمية الصين ونهضتها لما لها من ديناميكية داخلية ضخمة ومنطق تاريخي حتمي.
إن الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي من الشؤون الداخلية الأمريكية. لم ولن يتدخل الجانب الصيني في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، إذ إن التدخل في الشؤون الداخلية للغير ليس من أسلوب الجانب الصيني. يجب على الشعبين الصيني والأمريكي مواصلة التواصل والتعاون، ولا بد للصين والولايات المتحدة باعتبارهما دولتين كبيرتين من إيجاد الطريقة الصحيحة للتعامل مع بعضهما البعض، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية. يمثل ما طرحه الرئيس شي جينبينغ من المبادئ الثلاثة المتمثلة في الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون والكسب المشترك المرجعية الأساسية التي نستند إليها للنظر إلى العلاقات الصينية الأمريكية والتعامل معها. وفي المكالمة الهاتفية التي جرت مؤخرا بين الرئيس شي جينبينغ والرئيس جون بايدن بناء على طلب الأخير، أشار الرئيس شي جينبينغ مجددا إلى أن الدولتين الكبيرتين مثل الصين والولايات المتحدة لا يجوز قطع التواصل والتعامل بينهما ناهيك عن حدوث الصراع والمواجهة، يجب عليهما إيلاء الاهتمام بالوئام وإعطاء الأولوية للاستقرار والحفاظ على المصداقية كأساس.
لن ترجع العلاقات الصينية الأمريكية إلى ما كانت عليه، غير أنه يجب عليها، بل يمكنها بكل تأكيد أن تتطور نحو مستقبل أجمل. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع الجانب الأمريكي من أجل التعاون القائم على الكسب المشترك، وتحقيق إنجازات تخدم مصلحة العالم، وتضطلع بالمسؤولية الدولية المطلوبة لكل منهما بشكل فعال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك