لاهاي – الوكالات: أمرت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، أمس إسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح، في قرار من شأنه أن يزيد الضغط الدولي من أجل التوصل الى هدنة بعد أكثر من سبعة أشهر من العدوان الإسرائيلي.
وقالت المحكمة التي مقرها في لاهاي: إنه يتعين على إسرائيل «أن توقف فورا هجومها العسكري وأي أعمال أخرى في محافظة رفح قد تفرض على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفا معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرهم جسدياً كمجموعة أو على نحو جزئي».
كما أمرت المحكمة إسرائيل بالإبقاء على معبر رفح مفتوحا لضمان وصول المساعدات الإنسانية «بدون عوائق». وقالت: إن على إسرائيل «أن تبقي معبر رفح مفتوحًا للسماح بتقديم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها من دون عوائق وبكميات كبيرة».
ودعت أيضا الى الافراج الفوري عن الرهائن الذين احتجزتهم حماس خلال عملية «طوفان الأقصى» في السابع من اكتوبر. وقالت المحكمة: «ترى المحكمة أنه من المثير للقلق العميق أن العديد من هؤلاء الرهائن ما زالوا محتجزين، وتكرر دعوتها إلى إطلاق سراحهم فورا ومن دون شروط».
ومحكمة العدل الدولية تبت في النزاعات بين الدول، وأحكامها ملزمة قانونا لكن ليست لديها آليات لتنفيذها.
وكانت اسرائيل قد أكدت أمام المحكمة أن وقف إطلاق النار سيسمح لمقاتلي حماس بإعادة تنظيم صفوفهم، ويجعل من المستحيل استعادة الرهائن الذين تم احتجازهم خلال عملية «طوفان الأقصى».
وكانت المحكمة التي تلقت طلب جنوب افريقيا في نهاية ديسمبر قد أمرت إسرائيل في يناير ببذل كل ما في وسعها لمنع أي عمل من أعمال الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
لكنها لم تذهب إلى حد إصدار أمر بوقف إطلاق النار. وترى بريتوريا أن تطور الوضع على الأرض وخصوصا العمليات في رفح، يتطلب أمرا جديدا من محكمة العدل الدولية.
يأتي قرار المحكمة بعد يومين على طلب تاريخي من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، وثلاثة من قادة حماس، هم إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم في قطاع غزة وإسرائيل.
وأكدت جنوب افريقيا التي رفعت القضية أمام المحكمة الجنائية الدولية ان الهجوم الاسرائيلي في غزة ينتهك اتفاقية الامم المتحدة لعام 1948 بشأن منع الإبادة الجماعية.
وبعيد صدور القرار، رحبت به جنوب إفريقيا. وأكدت وزيرة الخارجية ناليدي باندور «أعتقد أنها مجموعة أكثر حزما، من حيث الصياغة، من الإجراءات الموقتة، ودعوة واضحة جداً لوقف إطلاق النار».
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية لرويترز إن السلطة الفلسطينية ترحب بقرار محكمة العدل الدولية، مشيرة إلى أنه يمثل «إجماعا دوليا على مطلب وقف الحرب الشاملة على غزة».
وأصدرت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بيانا رحبت فيه بالقرار، لكنها قالت لرويترز إن القرار لم يصل إلى حد الاعتراف بتعرض أجزاء أخرى من القطاع إلى الهجوم.
وقال باسم نعيم المسؤول الكبير بحماس: «نعتبر ذلك غير كاف وذلك باعتبار أن العدوان الذي تقوم به قوات الاحتلال في مناطق قطاع غزة الأخرى وخاصة شمال غزة هو بنفس القدر من الوحشية والخطورة».
وأضاف نعيم أن حماس دعت مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة إلى تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، مضيفا أن الحركة ترحب بطلب المحكمة السماح للجان تحقيق بالوصول إلى قطاع غزة للتحقيق في اتهامات ارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.
ورحب السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة بقرار محكمة العدل الدولية، وصرح رياض منصور للصحفيين «نرحب بهذه التدابير الموقتة، وخصوصا حول وقف العملية العسكرية في رفح والدعوة الى إعادة فتح معبر رفح» لإدخال المساعدات الإنسانية، مشددا على «وجوب» أن «تحترم» إسرائيل هذه القرارات الملزمة «من دون تردد».
وقال وزير خارجية الأردن في منشور على إكس أن محكمة العدل كشفت جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان: إنها «ترحب» بقرار المحكمة «بفرض تدابير موقتة اضافية على اسرائيل تطالب بالوقف الفوري للعمليات العسكرية الاسرائيلية في رفح». وأضاف البيان أن مصر «تطالب اسرائيل بالامتثال لالتزاماتها القانونية» و«تنفيذ كافة التدابير الموقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية والتي تعتبر ملزمة قانونا وواجبة النفاذ». كما طالب البيان «مجلس الأمن والأطراف الدولية المؤثرة» بـ«تبني إجراءات حاسمة لوضع حد للكارثة الإنسانية في قطاع غزة ووقف إطلاق النار الشامل».
وصرح المتحدث باسم الأمين العام للامم المتحدة انطونيو جوتيريش أن قرارات محكمة العدل الدولية «ملزمة»، ويتوقع الأمين العام ان يلتزم بها الاطراف المعنيون «بحسب الاصول»، وذلك بعدما أمرت المحكمة اسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح.
وقال المتحدث ستيفان دوجاريك للصحفيين إن جوتيريش أخذ «علما» بقرارات محكمة العدل الدولية لجهة وقف الهجوم الإسرائيلي في رفح وإدخال المساعدات الانسانية والافراج عن الرهائن، و«يذكر بأن قرارات (المحكمة) ملزمة بموجب ميثاقها ونظامها الاساسي، وهو على ثقة كاملة بأن الأطراف سيلتزمون بأوامر المحكمة بحسب الأصول».
قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: إنه يتعين الاختيار بين احترام دعم التكتل للمؤسسات الدولية أو دعمه لإسرائيل. وأضاف في فعالية في فلورنسا: «ماذا سيكون الرد على حكم محكمة العدل الدولية الذي صدر اليوم، ماذا سيكون موقفنا؟ سيتعين علينا الاختيار بين دعمنا للمؤسسات الدولية المعنية بسيادة القانون وبين دعمنا لإسرائيل».
بريتوريا التي طالبت محكمة العدل الدولية للمرة الرابعة باتخاذ إجراءات طارئة في هذه القضية، قالت خلال جلسات الاستماع الأسبوع الماضي إن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل وصلت إلى مستوى مروع، مشيرة إلى العثور على مقابر جماعية وتسجيل أعمال تعذيب وعرقلة المساعدات الإنسانية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك