اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
رهاب الامتحان
مؤخرا وفي واقعة غريبة شائنة تركت امرأة إيطالية ابنتها المراهقة على حافة طريق سريع في روما معرضة حياتها للخطر، والسبب أنها حصلت في مدرستها على درجات سيئة في مادة اللغة اللاتينية الأمر الذي أشعل مشاجرة حادة بينهما انتهت بإلقاء ابنتها على الرصيف بكل دم بارد.
فبحسب ما نشره موقع بارونز عثرت دورية للشرطة على فتاة بالغة من العمر 16 عاما وهي تسير على حافة أوتوستراد، وباستجوابها قالت إنها تشاجرت مع والدتها وأجبرتها على النزول من السيارة، لمجرد أنها حصلت علي علامة متدنية في إحدى المقررات رغم تفوقها في باقي المواد الدراسية.
من الواضح أن ظاهرة فوبيا الامتحانات التي تصيب الأهل قبل أبنائهم لا تقتصر فقط على مجتمعاتنا العربية كما كنت أظن، بل توجد كذلك في الدول التي يصفونها بالمتقدمة، فما إن تقترب فترة الاختبارات إلا وتعلن حالة طوارئ واستنفار في جميع البيوت، بل وفي المجتمع بأكمله.
إحدى المعلمات قالت لي إنها وغيرها من العاملين في هذه المهنة يعانون الأمرين من الطلاب والطالبات في الفترة ما قبل وخلال الاختبارات النهائية، نظرا لتعرضهم إلى ضغوطات نفسية شديدة يتم التنفيس عنها في صورة سلوكيات غير سوية، وأحيانا عدوانية، بل وشائنة في أحيان أخرى، كالمشاجرات فيما بينهم، وعدم الانضباط أو الإنصات، وتجاهل اللوائح والتعليمات، وغيرها من الأمور، الأمر الذي لا يمكن تحمله على الإطلاق بحسب قولها.
مؤخرا شاهدت مسلسلا تلفزيونيا يتحدث عن دوافع بعض الشباب لتناول المخدرات، وتم التطرق إلى حالة طالب لجأ إليها خوفا وقلقا من عدم إمكانية تحقيق توقعات الوالدين منه نظرا إلى اعتيادهما على تفوقه دراسيا، الأمر الذي أوقعه تحت ضغوطات نفسية شديدة لم يتحملها، فاختار الغرق في عالم يغيب فيه العقل وتذهب معه أي مشاعر سلبية.
ليت الأهالي يعون أنهم المسؤولون بالدرجة الأولى عن إصابة أبنائهم الطلاب بالتوتر والقلق والشعور بالضغط العصبي ومن ثم فقدان التركيز مع اقتراب فترة الامتحانات، الأمر الذي يؤثر في أدائهم في الامتحانات، بل وتعرضهم إلى تغيرات حادة ومزمنة في مناطق معينة في الدماغ يمكن أن تسبب تلفا طويل الأمد ومن ثم إضعاف الاسترجاع للذاكرة وذلك بحسب ما يؤكده المختصون في علم النفس.
من هنا يجب تأكيد دور الآباء في مساعدة أبنائهم علي المرور بسلام من فترة الامتحانات بتمتعهم بالهدوء وبضبط الأعصاب، وبتقديم الدعم النفسي اللازم لهم خلال هذه الفترة الصعبة والحرجة، إلى جانب نقطة أخري غاية في الأهمية ألا وهي ضرورة النظر في إعادة هيكلة نظام التعليم في العالم العربي بمشاركة أخصائيين نفسيين.
لقد آن الأوان للتخلص من بعض النظريات التي نشأنا على ترديدها وحفظها والكفيلة بترهيب الطالب خلال فترة الامتحانات، منها مبدأ «عند الامتحان يكرم المرء أو يهان» أو «ما فرح مكلل بنجاح أو رسوب تنكس له الرؤوس»، وغيرها من المقولات المحبطة المميتة نفسيا في بعض الأحيان، فلم يعد العصر كسابقه ، ولم يعد طلابه كما كنا نحن!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك