اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
ورطة أخلاقية
مؤخرا توقفت كثيرا عند مقال لأحد الكتاب بعنوان «وذنب غير مغفور» تطرق فيه إلى هؤلاء الذين وفدوا لأداء فريضة الحج التي تمثل رحلة الخلاص من ذنوب الدنيا التي اقترفوها والمظالم التي ارتكبوها، مؤكدا أنه ليس بالحج وحده تقبل التوبة، إذ لا بد أن تعاد الحقوق إلى أصحابها، وأن تتبدل أحوال وأخلاق الحاج، ولا تبقى على ما كانت عليه.
بالفعل ليس بالحج وحده يؤجر الإنسان، بل بعمله وبأخلاقه، وهذا ما أشار إليه الكاتب أحمد أمين في كتابه «الأخلاق»، حيث أكد أهمية عدم النظر إلى الأخلاق كمقولة نظرية تتداولها ألسنة الفلاسفة، وتحلق بها في برج عاجي، بحيث تظل حبيسة جدران الكتب، بل يجب اعتبارها ممارسة اجتماعية حية تتحقق في واقعنا المعاش، ونتلمس أثرها بشكل مباشر في كافة معاملاتنا الحياتية.
هذا الكتاب يجيب على الكثير من التساؤلات حول ماهية الأخلاق، وكيفية تعريف الأفعال، حيث توصل إلى أنها الأعمال التي صدرت عن عمد واختيار، ويعلم صاحبها وقت عملها ماذا يعمل، وكذلك الأعمال التي صدرت خارج الإرادة، ولكن كان يمكن تجنب وقوعها عندما كان مريدا مختارا.
وأضاف الكاتب أن الأخلاق تمنح الفرد إمكانية اختيار السلوك الصادر عنه وتحديد شكله، ومن ثم تشكيل شخصيته، وتحديد أهدافه في الحياة، الأمر الذي يحافظ على المجتمع من الانهيار، ويعزز من ازدهار الإنسان، وضبط شهواته وهواه ومطامع نفسه، والسمو به إلى درجات رفيعة من الإنسانية.
هناك من يرى أن الراقين أخلاقا اليوم هم أكثر الناس معاناة في هذه الحياة، وشخصيا أتفق مع هذا الرأي، خاصة في زمن تراجعت فيه الكثير من القيم والمبادئ السامية، وبرزت فيه أزمة في السلوك وصلت إلى حد الورطة الأخلاقية، وذلك رغم ما نعيشه من طفرة علمية فاقت الاستيعاب والخيال تجاهلنا معها وللأسف الشديد أن العلاقة بين العلم والأخلاق علاقة تكاملية، فلا أثر طيب للعلم بدون الأخلاق، ولا أخلاق صحيحة من غير علم يبصر ويرشد.
يقول الإمام علي بن أبي طالب:
«إذا فقدت المال لم تفقد شيئا.. وإذا فقدت الصحة فقدت بعض الشيء.. وإذا فقدت الأخلاق فقدت كل شيء»!
نعم.. لا بقاء لكل ما تحقق من دون الأخلاق!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك