صدرت حديثا للروائي السوري المُقيم في أربيل عبدالباقي يوسف بعنوان: «القطّة تابسا» من منشورات دار اسكرايب للنشر والتوزيع في القاهرة 2024.
جاءت الرواية على شكل فصولٍ متكاملة مع بعضها على مدار 111 صفحة، تناولَت مسألة تهذيب العلاقة بين الأطفال واستخدام الإنترنت، ودَور الأبوَين الرئيسي في تهيئة عناصر هذا التهذيب، وتوظيفها بشكلٍ غير مُباشر بحيث يستجيب لها الطفل (باسم).
البطولةُ في هذه الرواية للطفل (باسم)، والقطة (تابسا) التي تمثّل الألفة وهي من العناصر الرئيسية لهذا التهذيب، إلى جانب مكتبة البيت التي تمثل الإبداع، وآلة البيانو التي تمثل أهمية الفن، وعناصر أُخرى تظهر في الرواية مثل وجود ساعة الحائِط في غرفة باسم التي تغنيه عَن النظر إلى شاشة الجوّال لمعرفة الوقت.
تبيّن الرواية مخاطر اعتماد الطفل في كل شيء على الإنترنت، لأن ذلك سيأخذه مِن العناصر الطبيعيّة في الحياة ويجعله كائِناً رقمياً، فتبهره الوردة في الشاشة أكثر من الوردة في الطبيعة، وتبهره الألعاب في الشاشة أكثر من الألعاب في الطبيعة، وحتى إذا أراد القراءة، انجذبَ إلى الكتاب الصَّوتي من الجوال دون قراءة الكِتاب الورَقي، أو المجلة الورَقيَّة.
يتعرَّف باسم في الرواية على عالم الحيوان مِن خلال علاقته المُباشرة مع قطَّة البَيت التي تمثّل رمز الألفة الواقعيَّة، فتعلّمه لغة القطط، ويبدأ يتحاوَر معها، ويتعرَّف على مزاياها المُدهِشة في إشارةٍ إلى أننا نحتاج إلى أن نتعرف بعناصر الواقع ونتآلَف معها من خلال الاحتكاك الحسّي الملموس أكثر ممّا نحتاج إلى ذلك من خلف الشاشة الرقميَّة. (فوجئت به يقول لها ذات يوم وهو يُظهر لها منظراً طبيعيّاً من شاشة الهاتف: يا له من منظر خلّابٍ يا أمّي.. يبدو منظر حديقتنا باهِتاً بالمُقارنة معه. لم تستطع أن تتملّك نفسها، فقالَت لأبيه: وضع ابننا لم يعد يُسكَت عليه يا أبا باسم، أشعر بأن الهاتف لم يخطفه منّا ومن دروسه فحسب، بل حتى من الطبيعة. ثم همهمت بغصّة بكاء: أشعر بأنّه يوماً بعد يوم يتحوَّل إلى كائنٍ رَقَميّ).
وهُنا تفشل محاولة إخفاء الهاتف عنه، فيرى الأبوان نفسيهما أمام هذا التحدّي، ويعملان بدقَّةٍ في مواجهة هذا التحدّي بطرقٍ مختلفة ومجدية توردها الرواية في أحداثها المشوّقة.
يمكن اعتبار أن هذا العمل الروائي الجديد لعبد الباقي يوسف ينبّه إلى ما يمكن للإنترنت أن يترك من أثرٍ سلبيٍّ على مستقبل الطفل الدراسي، وكذلك إلى شخصيّته، والرواية تعمل بأسلوبٍ قصصي تشويقي غير مباشر على حماية الأطفال مِن مخاطر الإنترنت من مختلف الجوانب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك