العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

الدبلوماسية الاقتصادية.. وصناعة الأثر المستدام

‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬تبقى‭ ‬صناعة‭ ‬الأثر‭ ‬هي‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭ ‬لكل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬والخاصة‭ ‬والاهلية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬مستهدفاتها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬بشتى‭ ‬مجالاتها،‭ ‬عبر‭ ‬هندسة‭ ‬شبكات‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬دوائر‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الاتجاهات‭.‬

ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة،‭ ‬كانت‭ ‬الحكومات‭ ‬هي‭ ‬المعنية‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬الإنمائية،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬2015،‭ ‬وصدور‭ ‬تقرير‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬المضي‭ ‬في‭ ‬التقدم‭.. ‬وبناء‭ ‬المنعة‭ ‬لدرء‭ ‬المخاطر‮»‬‭ ‬توافق‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وبات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والأهلي‭ ‬شريكا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬باعتبارها‭ ‬الأداة‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬التنمية،‭ ‬وباتت‭ ‬رؤيته‭ ‬وتقييمه‭ ‬للممارسات‭ ‬الحكومية‭ ‬التنموية‭ ‬محل‭ ‬اعتبار‭ ‬كبير‭ ‬لدى‭ ‬مختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وكذا‭ ‬جميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالتنمية‭ ‬الإنسانية‭.‬

وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬الذكرى‭ ‬الخامسة‭ ‬والثمانين‭ ‬لتأسيس‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬كأقدم‭ ‬غرفة‭ ‬للتجارة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬بات‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬بعمق‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬تحليلية‭ ‬لدور‭ ‬المؤسسات‭ ‬البحرينية‭ ‬المختلفة‭ ‬تجاه‭ ‬الملفات‭ ‬المختلفة‭.‬

على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي‭ ‬لعبت‭ ‬الغرفة‭ ‬دورا‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشغل‭ ‬الشارع‭ ‬التجاري،‭ ‬ولعل‭ ‬منها‭  ‬‮«‬الفيزا‭ ‬المرنة‮»‬‭ ‬تلك‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬مثلت‭ ‬عبئا‭ ‬على‭ ‬التاجر‭ ‬البحريني‭ ‬وخاصة‭ ‬صغار‭ ‬التجار‭ ‬والمقاولين،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬توضيح‭ ‬حجم‭ ‬المشكلة‭ ‬أمام‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية،‭ ‬وكان‭ ‬قرار‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بإلغاء‭ ‬‮«‬الفيزا‭ ‬المرنة‮»‬‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬الغرفة‭ ‬خير‭ ‬تعبير‭ ‬على‭ ‬تفهم‭ ‬وتقدير‭ ‬الحكومة‭ ‬لرأي‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭  ‬تحقق‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬بإلغاء‭ ‬رسوم‭ ‬استرداد‭ ‬كلفة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بإصدار‭ ‬رخص‭ ‬البناء،‭ ‬ووضع‭ ‬الحلول‭ ‬التمويلية‭ ‬لتوفير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الجديدة‭ ‬وعند‭ ‬إصدار‭ ‬مخططات‭ ‬التقسيم‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬رصدنا‭ ‬تطورا‭ ‬واضحا‭ ‬في‭ ‬تفاعل‭ ‬المؤسسات‭ ‬البحرينية‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬الأخ‭ ‬سمير‭ ‬ناس‭ ‬رئيس‭ ‬اتحاد‭ ‬الغرف‭ ‬العربية‭ ‬رئيس‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬خلال‭ ‬لقائه‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لغرفة‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬‮«‬جون‭ ‬دينتون‮»‬‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الفرنسية‭ ‬باريس‭ ‬بشأن‭ ‬ضرورة‭ ‬خلق‭ ‬آلية‭ ‬جديدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬حماية‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬البحرينيين‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬التعاملات‭ ‬الدولية‭ ‬وتوفير‭ ‬بيئة‭ ‬آمنة‭ ‬ومستقرة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬الخارجية‭ ‬وفق‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬المتبعة‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬فما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬المنعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مؤشر‭ ‬مهم‭ ‬على‭ ‬استمرارية‭ ‬النماء‭ ‬والتقدم‭ ‬والتطور‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ويتطلب‭ ‬معه‭ ‬التمثيل‭ ‬القوى‭ ‬والمؤثر‭ ‬داخل‭ ‬دوائر‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تسعى‭ ‬له‭ ‬الغرفة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬عبر‭ ‬الدفاع‭ ‬بأعضائها‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬داخل‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬محمود‭ ‬يستحق‭ ‬الإشادة‭ ‬والذكر،‭ ‬بجانب‭ ‬الحرص‭ ‬الحكومي‭ ‬على‭ ‬استكمال‭ ‬مسارات‭ ‬التنمية‭ ‬وتوسعة‭ ‬القاعدة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنوع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المنشود‭ ‬بجانب‭ ‬تعزيز‭ ‬الجذب‭ ‬الاستثماري‭ ‬وتهيئة‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭.‬

وأضحت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إحدى‭ ‬القوى‭ ‬الناعمة‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬الدول‭ ‬سواء‭ ‬لدعم‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الحلفاء،‭ ‬أو‭ ‬كأداة‭ ‬لحل‭ ‬النزاعات‭ ‬بين‭ ‬الخصوم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القوة،‭ ‬ولعل‭ ‬النموذج‭ ‬الصيني‭ ‬يعد‭ ‬مثالا‭ ‬قويا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬إذ‭ ‬نجحت‭ ‬بكين‭ ‬منذ‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬كعمود‭ ‬رئيس‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬استراتيجياتها‭ ‬الخارجية‭.‬

وحرصت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬ومؤسساته‭ ‬كشريك‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬داخل‭ ‬المملكة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقوية‭ ‬دوائر‭ ‬الاتصال‭ ‬بين‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬السلطتين‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬أهلية‭ ‬مهمة‭ ‬كغرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين،‭ ‬وكان‭ ‬إلغاء‭ ‬‮«‬تصريح‭ ‬العمل‭ ‬المرن‮»‬‭ ‬شاهدا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬المقدرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للمملكة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬وإزالة‭ ‬أي‭ ‬معوقات‭ ‬ضد‭ ‬التاجر‭ ‬البحريني‭.‬

وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بزغ‭ ‬دور‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬المملكة‭ ‬الرفيعة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬وأصبحت‭ ‬مشاركة‭ ‬ممثلي‭ ‬غرفة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الزيارات‭ ‬الرسمية‭ ‬الخارجية‭ ‬لكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬أمرا‭ ‬معتادا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬أدركنا‭ ‬أن‭ ‬لغة‭ ‬أهل‭ ‬المال‭ ‬والاقتصاد‭ ‬هي‭ ‬اللغة‭ ‬الأقصر‭ ‬والأسرع‭ ‬في‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مفهوم‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬تحليل‭ ‬موضوعي‭ ‬لهذه‭ ‬الزيارات‭ ‬يرصد‭ ‬بوضوح‭ ‬وجلاء‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬تحرك‭ ‬غرفة‭ ‬البحرين‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الآتي‭:‬

أولا‭: ‬الترويج‭ ‬للبحرين‭ ‬كوجهة‭ ‬استثمارية‭ ‬مفضلة‭.‬

ثانيا‭: ‬حماية‭ ‬مصالح‭ ‬التاجر‭ ‬ورجل‭ ‬الأعمال‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬التعاملات‭ ‬الدولية‭.‬

ثالثا‭: ‬تأمين‭ ‬مسارات‭ ‬متنوعة‭ ‬للتجارة‭ ‬البحرينية‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المتغيرات‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭.‬

رابعا‭: ‬زيادة‭ ‬التأثير‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالشأن‭ ‬التجاري‭ ‬والمالي‭ ‬والاقتصادي‭.‬

خامسا‭: ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬والثوابت‭ ‬الراسخة‭ ‬في‭ ‬العالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬والتصدي‭ ‬لأي‭ ‬محاولات‭ ‬للغزو‭ ‬الثقافي‭ ‬عبر‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭.‬

والمتأمل‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬الزيارات‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬غرفة‭ ‬البحرين‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬يلاحظ‭ ‬التطور‭ ‬النوعي‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬الغرفة‭ ‬لأدوارها‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي‭ ‬أو‭ ‬الخارجي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الترويج‭ ‬لبيئة‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬والتشجيع‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭ ‬للمملكة،‭ ‬وخلق‭ ‬قنوات‭ ‬فاعلة‭ ‬للشراكات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الحيوية‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬المملكة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬فيها‭ ‬البحرين‭ ‬عناصر‭ ‬قوة‭ ‬تؤهلها‭ ‬للمنافسة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والاستثمار‭ ‬المالي‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬بيئة‭ ‬البحرين‭ ‬الاستثمارية‭ ‬بصفتها‭ ‬مؤسسة‭ ‬أهلية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬حجم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬النوعية‭ ‬للمواطنين‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬تطلعاتهم‭ ‬في‭ ‬تحسن‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الموقع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أحد‭ ‬عوامل‭ ‬القوة‭ ‬الجاذبة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬الخارجية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬بوابة‭ ‬للمنطقة‭ ‬الخليجية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العامل‭ ‬كان‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عناصر‭ ‬أخرى‭ ‬لتعزيزه‭ ‬والترويج‭ ‬له‭ ‬أمام‭ ‬مجتمعات‭ ‬الأعمال‭ ‬عالميا،‭ ‬وهو‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬اضطلعت‭ ‬به‭ ‬غرفة‭ ‬البحرين‭ ‬بوضوح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استثمار‭ ‬زيارات‭ ‬سمير‭ ‬ناس‭ ‬رئيس‭ ‬الغرفة‭ ‬مؤخرا‭ ‬لبرلين‭ ‬وباريس‭ ‬وجنيف‭ ‬وعقد‭ ‬اجتماعات‭ ‬مهمة‭ ‬مع‭ ‬غرفة‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬ومنظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬ومنظمة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬ومنتديات‭ ‬اقتصادية‭ ‬أخرى،‭ ‬والتي‭ ‬استهدفت‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬غرفة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية،‭ ‬إذ‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬الاستثماري‭ ‬الإيجابي‭ ‬لإمكانيات‭ ‬المملكة،‭ ‬كما‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬مسارات‭ ‬واضحة‭ ‬لخدمة‭ ‬أهداف‭ ‬المملكة‭ ‬التنموية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬توطين‭ ‬الصناعات‭ ‬ورفع‭ ‬معدلات‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬وخلق‭ ‬آليات‭ ‬جديدة‭ ‬للشراكة‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬البحريني‭.‬

وحملت‭ ‬اللقاءات‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬الغرفة‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬ومنظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬وغرفة‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬المعطيات‭ ‬اللافتة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬صوت‭ ‬تجاري‭ ‬بحريني‭ ‬وعربي‭ ‬متطور‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬مخاطبة‭ ‬العالم‭ ‬بقوة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مطالبته‭ ‬بخلق‭ ‬نظام‭ ‬تجاري‭ ‬عادل‭ ‬ومتعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬يتيح‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭ ‬استغلال‭ ‬مواردها‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬مجابهة‭ ‬الأزمات‭ ‬الحالية‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬امتصاص‭ ‬الصدمات‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬فيها‭.‬

ولعبت‭ ‬الغرفة‭ ‬دورا‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬المنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالشأن‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رئاسة‭ ‬سمير‭ ‬ناس‭ ‬اتحاد‭ ‬الغرف‭ ‬الخليجية‭ ‬ثم‭ ‬رئاسته‭ ‬اتحاد‭ ‬الغرف‭ ‬العربية،‭ ‬إذ‭ ‬نجح‭ ‬بشهادة‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ينقل‭ ‬نبض‭ ‬الشارع‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬الأوساط‭ ‬التجارية‭ ‬العالمية‭ ‬ليعيد‭ ‬حساباته‭ ‬تجاه‭ ‬قضايا‭ ‬المنطقة‭.‬

وهنا‭ ‬أستذكر‭ ‬موقف‭ ‬الأخ‭ ‬سمير‭ ‬الحازم‭ ‬ضد‭ ‬محاولات‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬فرض‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬التصنيفات‭ ‬الجندرية‭ ‬للعمالة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬غطاء‭ ‬لنشر‭ ‬مفاهيم‭ ‬المثلية‭ ‬الجنسية‭ ‬على‭ ‬العالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬إذ‭ ‬بدأ‭ ‬حملته‭ ‬لمناهضة‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬الشاذة‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعات‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬العربية،‭ ‬وأعلن‭ ‬بوضوح‭ ‬رفض‭ ‬السماح‭ ‬بإدخال‭ ‬المثلية،‭ ‬وخلال‭ ‬ترؤسه‭ ‬وفد‭ ‬الغرف‭ ‬العربية‭ ‬وغرفة‭ ‬البحرين‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الدورة‭  ( ‬111‭) ‬لمؤتمر‭ ‬العمل‭ ‬الدولي‭ ‬بمقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بجنيف‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2023‭ ‬أعلن‭ ‬في‭ ‬حضور‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬أنه‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬المساس‭ ‬بمنظومة‭ ‬قيمنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬ومواجهة‭ ‬أي‭ ‬غزو‭ ‬فكري‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬قيم‭ ‬شريعتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬السمحاء‭ ‬والفطرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬السليمة،‭ ‬فإننا‭ ‬نؤكد‭ ‬الرفض‭ ‬القاطع‭ ‬لمحاولات‭ ‬البعض‭ ‬فرض‭ ‬إعادة‭ ‬تعريف‭ ‬مصطلح‭ ‬العامل‭ ‬لتشمل‭ ‬العمالة‭ ‬المثلية‭ ‬الجنسية،‭ ‬وفرض‭ ‬مساواتها‭ ‬في‭ ‬قوانين‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬بما‭ ‬يمس‭ ‬الأسس‭ ‬الأخلاقية‭ ‬الراسخة‭ ‬في‭ ‬عالمنا،‭ ‬ودعا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تتوافق‭ ‬معايير‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والقوانين‭ ‬والتشريعات‭ ‬المنظمة‭ ‬والحاكمة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬والتوقف‭ ‬عن‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬والمفاضلة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الأنظمة‭ ‬والتعريفات‭ ‬الدولية‭ ‬بدعوى‭ ‬قبول‭ ‬الآخر،‭ ‬وكفالة‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬بما‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬معايير‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬نصت‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬ومفاهيمها‭ ‬وثقافاتها‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬ارتأى‭ ‬الأخ‭ ‬سمير‭ ‬بصفته‭ ‬رئيسا‭ ‬للغرف‭ ‬العربية‭ ‬وغرفة‭ ‬البحرين‭ ‬أهمية‭ ‬التمثيل‭ ‬العربي‭ ‬داخل‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬الصوت‭ ‬العربي‭ ‬حاضرا‭ ‬بقوة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬قضاياه،‭ ‬وفي‭ ‬تحرك‭ ‬سريع‭ ‬للغرفة‭ ‬وجدنا‭ ‬الدفع‭ ‬بعضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الغرفة‭ ‬سونيا‭ ‬جناحي‭ ‬في‭ ‬منصب‭ ‬عضو‭ ‬أصيل‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬ونائب‭ ‬رئيس‭ ‬المنظمة‭ ‬لأصحاب‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬آسيا،‭ ‬في‭ ‬تحرك‭ ‬دولي‭ ‬استراتيجي‭ ‬من‭ ‬الغرفة‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬الأثر‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬رئاستها‭ ‬إحدى‭ ‬لجان‭ ‬صياغة‭ ‬التشريعات‭ ‬الدولية‭ ‬ستسهم‭ ‬في‭ ‬مجابهة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحاك‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ضد‭ ‬مصالح‭ ‬الأوطان‭ ‬العربية،‭ ‬وهنا‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أوجه‭ ‬تحية‭ ‬للغرفة‭ ‬على‭ ‬اختيارها‭ ‬آلية‭ ‬ترؤس‭ ‬اللجان‭ ‬داخل‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬كون‭ ‬اللجان‭ ‬هي‭ ‬المطبخ‭ ‬الحقيقي‭ ‬للتشريع‭ ‬الدولي؛‭ ‬لأن‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬يُعرض‭ ‬على‭ ‬المنظمة‭ ‬يتم‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬اللجنة‭ ‬المختصة‭ ‬التي‭ ‬بدورها‭ ‬تبدأ‭ ‬بمناقشته،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬عضو‭ ‬الغرفة‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬فى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬العربية‭ ‬وصياغة‭ ‬التشريعات‭ ‬بما‭ ‬يتلاءم‭ ‬مع‭ ‬أعراف‭ ‬وتقاليد‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬المتنامي‭ ‬لغرفة‭ ‬البحرين‭ ‬يضع‭ ‬مسؤوليات‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الأهلية‭ ‬وحتى‭ ‬التشريعية‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬مساره،‭ ‬بألا‭ ‬تتحول‭ ‬عضوية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬مجرد‭ ‬ديكور‭ ‬أو‭ ‬تفاخر‭ ‬بالمناصب‭ ‬أو‭ ‬فقط‭ ‬حضور‭ ‬لإلقاء‭ ‬كلمات،‭ ‬بل‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬اللجان‭ ‬الدولية‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬التشريعات‭ ‬العالمية،‭ ‬وأنه‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬أن‭ ‬يمثل‭ ‬تمثيلا‭ ‬صادقا‭ ‬ويدافع‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬بلده‭ ‬وأمته،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬متفاعلا‭ ‬بصورة‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬مجريات‭ ‬العمل‭ ‬الدولي‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬حتى‭ ‬يترك‭ ‬الأثر‭ ‬المطلوب‭ ‬والصحيح‭ ‬فيها‭ ‬ويحمي‭ ‬مصالح‭ ‬وطنه،‭ ‬فمثلا‭ ‬الغرفة‭ ‬هنا‭ ‬دورها‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭.‬

ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬التفاعل‭ ‬التجاري‭ ‬البحريني‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬وطنه‭ ‬وأمته‭ ‬متناغما‭ ‬مع‭ ‬الرؤية‭ ‬السامية‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬رئيس‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الـ33‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬جلالته‭ ‬مشاغل‭ ‬أمته‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظرفية‭ ‬التاريخية‭ ‬العصيبة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا