اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
قاع نهر السين «النتن»
منذ أسابيع قليلة كنت في زيارة سياحية لمدينة باريس بلد الأناقة والجمال في كل شيء كما يقال عنها، وقد شاهدت بعيني حالة الاستنفار التي تعيشها استعداد لاستضافة الاولمبياد سواء أمنيا أو تجهيزيا، ولم يكن يخطر ببالي حينئذ حدوث هذا السقوط المدوي لحفل الافتتاح الذي تم الإعداد له بهذه الصورة اللافتة المبهرة.
نعم سقوط مدو بل فضيحة أخلاقية تركت علامة على بلد عُرف عنه أنه الأكثر جذبا للسياحة من كافة الدول، وبين ليلة وضحاها فقدت الكثير من محبيها وعشاقها من كل الأطياف والديانات والأجناس، وذلك جراء هذه الجريمة التي ارتكبتها واهتز لها العالم من شرقه إلى غربه.
لقد أدان الأزهر الشريف تلك المشاهد التي تصدرت افتتاح دورة الألعاب الأولمبية بباريس وأثارت غضبا عالميا واسعا وتظهر السيد المسيح عليه السلام في صورة مسيئة لشخصه الكريم ولمقام النبوة الرفيع بهذا الأسلوب الهمجي الطائش الذي لا يحترم مشاعر المؤمنين بالأديان وبالأخلاق وبالقيم الإنسانية الراقية، حيث أكد رفضه الدائم لكل محاولات المساس بأي نبي من أنبياء الله، محذرا من خطورة استغلال المناسبات العالمية لتطبيع الاساءة للدين وترويج الشذوذ والتحول الجنسي.
كما أعربت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني عن استيائها واستنكارها البالغين مما تضمنه الحفل من تجسيد مشهد العشاء الأخير للسيد المسيح مع تلاميذه والذي أسس فيه سر الافخارستيا أقدم وأقدس أسرار الكنيسة وممارساتها على الإطلاق، مطالبة باعتذار واضح وجاد من الهيئات المنظمة لكل المسيحيين الذين استاؤوا من هذا المشهد المخجل بدلا من إدخال الفرح والبهجة على قلوب المشاركين والمشاهدين.
صحيح أنه تم الاعتذار للعالم عن هذه الواقعة المؤسفة، وتم حذف الفيديو الرسمي لحفل افتتاح أولمبياد باريس من قناة الأولمبياد الرسمية على يوتيوب ولكن بعد أن وقع الفأس في الرأس، وتسبب في جروح غائرة أليمة في أدمغة وعقول ونفوس المليارات من البشر من الصعب بل من المستحيل مداواتها.
المدير الإبداعي للحفل الموسيقي الفرنسي الشهير توماس جولي دافع عن قراراته قبل انطلاق حفل الافتتاح قائلا:
«إن مشهد العشاء الأخير كان متوافقا مع تقاليد فرنسا الطويلة من العلمانية، وأنه في فرنسا لدينا حرية الإبداع والفن، ونحن محظوظون لأننا نعيش في بلد في جمهورية ولدينا الحق في حب من نريد ولدينا الحق في ألا نكون من المصلين».
فبئس تلك الحرية التي يتحدث عنها ويتشدق بها الكثيرون في العالم الغربي، التي يتخلوا بها عن الروابط الروحية والفكرية مع الخالق والوطن والأسرة ما أدى إلى تدهور القيم الأخلاقية العامة في مجتمعاتهم، وذلك بحسب ما أكده رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان تعليقا على ما جاء به حفل الافتتاح المشين وهو ما أعربت عنه ببراعة المتحدثة باسم الخارجية الروسية حين قالت:
«فعلا ليس مجرد قاع.. بل قاع نهر السين النتن.. يحاولون تلويث كل شيء له قيمة بأمراضهم»!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك