عالم يتغير
فوزية رشيد
العرب والمسلمون بين قمتين!
{ في 11/11/202٣ بعد ما يقارب الشهر على حرب الكيان على غزة، وبعد عملية 7 أكتوبر، انعقدت أعمال القمة العربية والإسلامية الأولى بالعاصمة الرياض، والإثنين الماضي بذات التوقيت بعد مرور عام أي في 11/11/2024، انعقدت القمة الثانية لأعمال الدول العربية والإسلامية وأيضا في الرياض، ولكن بعد أن جرت مياه كثيرة تحت جسر غزة! وتحولت الحرب الانتقامية عليها، كما كانت توصف آنذاك، إلى حرب إبادة غير مسبوقة، على مرأى ومسمع العالم كله! وضجت عواصم كثيرة في العالم بسبب وحشية الكيان وكثرة الضحايا الذين زاد عددهم كشهداء إلى ما يقارب الـ44 ألف شهيد وأكثر من «100 ألف» مصاب! وسط حصار محكم لتجويع من تبقى، وهتك كل البنية التحتية لغزة، بما يجعل الحياة غير قابلة للعيش! ورغم ذلك تشبث أهل غزة بأرضهم ضد سياسة التهجير والقتل والتجويع بشكل غير مسبوق أدهش كل شعوب العالم!
{ بعد مرور أكثر من عام واجتماع القادة والزعماء العرب والمسلمون في قمة ثانية، أصبحت حرب الإبادة على غزة، مضافًا إليها الحرب على لبنان لتصبح القضية قضيتين!
ولتناقش أعمال القمة العربية والإسلامية الثانية منذ الحرب على غزة، كيفية إيقاف العدوان الصهيوني في غزة ولبنان معًا هذه المرة، ولا أحد يعلم إن انعقدت قمة ثالثة غير اعتيادية أيضًا كم من دول عربية أخرى ستُضاف إلى أعمالها للمناقشة والبحث في كيفية إيقاف العدوان «الإسرائيلي» عليها!
{ المفارقة أيضًا أن خلال انعقاد القمة الثانية، طرح أعضاء في حكومة دولة الاحتلال الصهيوني أن «عام 2025» (سيشهد كامل السيادة الصهيونية على الضفة الغربية)! أي أن قطار الاحتلال والتوسع الصهيوني يسير بأقصى سرعته! رغم كل الموقف العالمي أنظمة وشعوبًا، باستثناء الغرب، من هذا الكيان الغاصب، الذي أصبح منذ شهور يعزف على «اللحن التوسعي» بانتظار التاجر السياسي «ترامب» رئيس الولايات المتحدة! الذي صرّح أثناء حملته الانتخابية تصريحًا استفزازيًا غريبا بأن مساحة الكيان الصهيوني مساحة صغيرة أمام المساحة العربية الشاسعة التي تحيط بها! وكأنه يلمح إلى توسيع رقعة الكيان جغرافيا على حساب الأرض العربية خارج حدود فلسطين!
{ حجة الكيان التي لا يملّ من ترديدها هي محاربة النفوذ الإيراني، وهو النفوذ الذي يقلق العرب بالطبع، ولكن ما يقلقهم أكثر هو هذه التصريحات الصهيونية حول فرض النفوذ أو «التوسع الصهيوني الاستعماري» بدعم «ترامب» القادم إلى الرئاسة بعد شهرين! وهو التوسع المبني على الخرافات والأساطير الدينية الملفقة! ليدرك المتابع مجرى الأحداث بين قمتين عربيتين وإسلاميتين، أن القصة تجاوزت مأساة غزة ولبنان، وتفكيك المليشيات أو محاربة النفوذ الإيراني المنافس على الأرض العربية، لتصل القصة إلى أن العين الصهيونية، وكما كانت بالأصل! واقعة على تفكيك الدول العربية! وبدعم أمريكي كامل كالعادة، رغم اختلاف الرؤساء، وفي ظل العجز العربي والإسلامي عن ممارسة الضغوط اللازمة والفعلية لإيقاف إبادة الشعب الفلسطيني وإيقاف الحرب على لبنان، وتفكيك الحلم الصهيوني التوسعي في الأرض العربية!
{ لم يكن عبثًا ما صرح به أقطاب «الصهيونية الدينية» في الكيان الصهيوني حول الاطماع في الأرض العربية! ولم يكن صدفة ما يصرح به بعض المحللين الصهاينة حول ذات الأمر، ومنهم ما صرح به «ليفي لييكين» وهو كاتب وسياسي إسرائيلي ليقول بوضوح قبل فترة «أعتقد أن حدودنا ستمتد في نهاية المطاف من لبنان –بعد فلسطين طبعًا– إلى الصحراء الكبرى، أي السعودية، ثم من البحر الأبيض المتوسط وإلى الفرات، وبعد ذلك أؤمن بأننا سنأخذ مكة والمدينة وجبل سيناء، وسنعمل على تطهير هذه المناطق»! قد يعتقد البعض أن هذا خيال أو طموح مبالغ فيه، أو ضرب من العبث والفانتازيا، ولكنه في الواقع هو في صلب الرؤية الصهيونية للمنطقة العربية! حتى لو بدأت الحكاية الكبرى فيها بخطوات شيطانية بالهيمنة الدينية والثقافية أو غيرها، وبإعادة مضامين صفقة القرن على يد «ترامب»!
{ والآن وبالعودة إلى قرارات القمة العربية والإسلامية الثانية في الرياض، ندرك أن الأحداث والتوجهات الصهيونية لكامل المنطقة، تتجاوز لغة التنديد والإدانة والمناشدة أو التأكيد على تعزيز العمل العربي والإسلامي المشترك لمواجهة التحديات الراهنة، التي تتجاوز في سرعة قطارها الصهيوني كل تلك التحديات! ولتوضح أن هذا الكيان الغاصب الذي داس على كل القوانين والمبادئ والقيم الإنسانية، هو غير قابل للسلام أو التوقف عن حروبه ورؤيته التوسعية! وأن إيقاف عدوانه على غزة ولبنان والضفة الغربية وأطماعه الأخرى بحاجة إلى «تفعيل حقيقي» لكل ما تمتلكه الأمتان العربية والإسلامية من أوراق ضاغطة، ليس فقط لحماية المدنيين من حرب الإبادة في فلسطين ولبنان، وإنما لحماية الشعوب العربية الأخرى من الأطماع الصهيونية في أوطانها! خاصة على خلفية ما تتهيأ له حكومة الاحتلال مع فترة «ترامب» الرئاسية، بإدخال خط التجارة على السياسة! والتطبيع المجاني وبالقوة للعالمين العربي والإسلامي! وبما لم ولن ينفع معه لا المناشدات ولا الاستهجان ولا التنديد، ولا المجتمع الدولي، الذي هو حبر على ورق، طالما يخضع للرؤى الاستعمارية في الغرب بقيادة الولايات المتحدة!
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك