بيروت - (وكالات الأنباء): أكد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام أمس الثلاثاء أن يديه «ممدودتان» إلى جميع الأفرقاء للانطلاق في «مهمة الإنقاذ والإصلاح»، عشية بدئه استشارات مع القوى السياسية لتأليف حكومته، في مهمة لا يُتوقع أن تكون سهلة، مع امتناع حزب الله وحليفته حركة أمل عن تأييده. وتنتظر حكومة سلام الذي وعد ببدء «فصل جديد» في لبنان تحديات عدة من تثبيت وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل بعد حرب مدمرة وإعادة الإعمار، إلى إصلاحات اقتصادية ملحة تحتاج إليها البلاد الغارقة في انهيار اقتصادي متماد منذ أكثر من خمس سنوات. وفي أول كلمة عقب وصوله إلى بيروت ولقائه رئيسي الجمهورية جوزيف عون والبرلمان نبيه بري قال سلام للصحفيين من القصر الرئاسي: «أصغيت بالأمس إلى بعض الهواجس التي أثيرت.. جوابي أنني بفطرتي وتكويني وممارستي السياسية لست من أهل الاقصاء بل من أهل الوحدة، ولست من أهل الاستبعاد بل من أهل التفاهم والشراكة الوطنية». وتابع: «يداي الاثنتان ممدودتان للانطلاق سويا في مهمة الانقاذ والاصلاح وإعادة الإعمار». وأوضح سلام أنه سيتعين على الحكومة التي يشكلها «وضع برنامج متكامل لبناء اقتصاد حديث ومنتج»، متعهدا بالعمل لقيام «دولة قادرة وعادلة». وكلف عون يوم الإثنين الماضي سلام برئاسة الحكومة، بعد نيله تأييد 84 نائبا من إجمالي 128 من أعضاء البرلمان، في تطوّر يؤكد التغيير الحاصل في المشهد السياسي نتيجة تراجع موقع حزب الله الذي كان يتحكّم بمفاصل الحياة السياسية في البلاد. وامتنعت كتلتا حزب الله وحليفته أمل بزعامة بري عن تأييده، من دون أن تسمي مرشحا آخر، بعدما كانتا داعمتين لوصول رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، وأعرب رئيس كتلة حزب الله البرلمانية النائب محمّد رعد يوم الإثنين عن أسفه «لمن يريد أن يخدش اطلالة العهد التوافقية مرة جديدة».
وتابع: «الآن نقول بكل بساطة وبكل هدوء أعصاب من حقهم أن يعيشوا تجربتهم ومن حقنا أن نطالب بحكومة ميثاقية، لأن أي سلطة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها»، في إشارة واضحة الى قبول الحزب بالأمر الواقع بالنسبة إلى تسمية رئيس الحكومة وتمسكه بأن يشارك في عضويتها.
وجاء تكليف سلام، وهو دبلوماسي مخضرم يرأس محكمة العدل الدولية في لاهاي، بعد أربعة أيام على انتخاب عون رئيسا، على وقع ضغوط خارجية، أعقبت تغيّر موازين القوى في الداخل على خلفية نكسات مني بها حزب الله في مواجهته الأخيرة مع اسرائيل وسقوط حليفه بشار الأسد في سوريا المجاورة.
ودعمت سلام كتل معارضة لحزب الله ونواب مستقلون، إضافة الى كتلتي الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والتيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل، حليف حزب الله في العهد السابق.
ويعتبر المحلل السياسي كريم بيطار أن ما قد يقلق حزب الله إزاء سلام هو «أنه قانوني، ملتزم للغاية بسيادة القانون واحترام المؤسسات، وكانوا يميلون إلى اعتباره ربما مفرطا في الميل نحو الغرب». ورأى سلام في كلمته أمس الثلاثاء أن «أهم التحديات التي نواجهها اليوم هي التصدي لنتائج العدوان الأخير»، متعهدا بإعادة بناء ما تدمّر جراء الحرب بين اسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان وشرقه وفي بيروت. وأوضح أن «إعادة الاعمار ليست مجرد وعد، بل التزاما، وهذا يتطلب العمل الجاد على التنفيذ الكامل للقرار 1701 وكافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وفرض الانسحاب الكامل للعدو من آخر شبر محتل من أراضينا». وأضاف: «لا أمن ولا استقرار لبلادنا من دون ذلك، وهذا يقتضي العمل أيضا على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك