لندن - (أ ف ب): استقبل الملك تشارلز الثالث أمس الثلاثاء في قصر باكنغهام رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال زيارته الاولى للمملكة المتحدة التي تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والأمن ومكافحة الهجرة غير النظامية، وهي مسألة بالغة الأهمية بالنسبة إلى لندن. وتأتي الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام في إطار إقليمي متوتر جدا في الشرق الأوسط جراء الحرب في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس وهدنة هشة في لبنان، فضلا عن العودة القريبة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو مهندس سياسة «الضغوط القصوى» على إيران خلال ولايته الأولى.
ويجهد العراق، حليف طهران وشريك واشنطن الكبير، لإقامة توازن يحفظ علاقاته مع المعسكرين، مع محاولته تنويع علاقاته مع دول الخليج المجاورة والدول الغربية كذلك. التقى رئيس الوزراء العراقي الذي حمله إلى الحكم تحالف أحزاب مؤيدة لإيران الملك تشارلز صباحا، وجرى خلال اللقاء «استعراض التعاون الثنائي بين العراق والمملكة المتحدة، وسبل إقامة شراكة منتجة في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية. كما جرى التطرق إلى التعاون في مجال مواجهة تحديات التغيرات المناخية، وفرص تعزيز التعاون الثقافي» بحسب المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء.
وسيجري السوداني مباحثات مع نظيره كير ستارمر، وقال مكتبه إن «تفاهمات مهمة مع شركات بريطانية سوف تعلن في الزيارة» فضلا عن «اتفاقية شراكة استراتيجية». وستعقد اجتماعات مع رؤساء شركات ولا سيما ممثلين عن شركة النفط العملاقة «بي بي». وتحدث ستارمر في بيان مساء الاثنين عن «عصر جديد في التعاون بين المملكة المتحدة والعراق من شأنه أن يحقّق منافع متبادلة، من التجارة إلى الدفاع». وسيعلن رئيسا الوزراء اتفاقات تجارية بقيمة 12.3 مليار جنيه استرليني (أكثر من 14 مليار يورو). وقالت رئاسة الحكومة البريطانية إن المبادلات التجارية بين البلدين ستتضاعف عشر مرات مقارنة بالسنة الماضية.
وأوضح البيان البريطاني أنّ ستارمر والسوداني «سيباشران مناقشات» حول «اتفاقية جديدة بشأن عودة مهاجرين» تمّ الكشف عنها في نهاية نوفمبر، بهدف «دعم مكافحة الهجرة غير النظامية». وقال البيان: «بمجرد إبرامه، سيضمن الاتفاق أن يتمّ بسرعة ترحيل أولئك الذين لا يحقّ لهم التواجد في المملكة المتّحدة». وأضاف أنّ لندن صدرت إلى بغداد معدّات بقيمة 66,5 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 79 مليون يورو) «لتعزيز الحدود العراقية وتفكيك عصابات تهريب البشر». وعلى خطى حكومات المحافظين التي سبقتها إلى السلطة، جعلت حكومة حزب العمّال برئاسة ستارمر الحدّ من الهجرة غير النظامية، وكذلك أيضا الشرعية منها، إحدى أولوياتها.
وتشمل المحادثات شقا أمنيا إذ تبدأ السلطات العراقية اعتبارا من سبتمبر 2025 الانسحاب التدريجي لقوات التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين الذي تشكل شكل عام 2014 بقيادة واشنطن ومشاركة المملكة المتحدة وفرنسا خصوصا. وقال السوداني لوكالة فرانس برس مساء الاثنين: «هناك بيان مشترك حول التعاون الأمني بين العراق والمملكة المتحدة (..) وخصوصا بعد ما تم الاتفاق على الشكل او الترتيبات لإنهاء العلاقة، علاقة التحالف الدولي ومهمة التحالف الدولي في العراق، وفق ما أعلن سابقا». ويفتح انسحاب التحالف الدولي الباب أمام شراكات ثنائية مع كل دولة على ما يفيد العراق.
وفي أوضاع إقليمية متفجرة أجّجتها الحرب في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، نفذت الجماعات المسلحة العراقية الموالية لإيران عشرات الغارات بمسيرات وهجمات صاروخية في شتاء عام 2023 ضد جنود التحالف الدولي. ولتجنب تصعيد العنف على الأراضي العراقية، بدأ السوداني مباحثات مع واشنطن حول مستقبل التحالف الموجود أيضا في سوريا لمحاربة جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية.
وفيما يتعلق بالعراق، على المستشارين العسكريين الأجانب للتحالف أن يباشروا انسحابهم من القواعد العسكرية في العراق الفدرالي اعتبارا من سبتمبر 2025. أما المرحلة الثانية من الانسحاب فستبدأ في سبتمبر 2026 لقوات التحالف المنتشرة في منطقة كردستان في شمال العراق.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك