العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

إسرائيل بين سردية كاذبة وانتصار فلسطيني من غزة

مع‭ ‬بدايةِ‭ ‬العام‭ ‬الحالي،‭ ‬اشتعلَ‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬غضبًا‭ ‬ضد‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬الطنطورة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يوثِّقُ‭ ‬مجزرةَ‭ ‬هذه‭ ‬القريةِ‭ ‬الفلسطينيَّة‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬الاحتلالُ‭ ‬الإسرائيليُّ،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬مخرجَ‭ ‬الفيلمِ‭ ‬إسرائيليٌّ،‭ ‬وفكرتُه‭ ‬مبنيَّةٌ‭ ‬على‭ ‬بحثٍ‭ ‬أكاديميِّ‭ ‬قدّمه‭ ‬إسرائيليٌّ‭ ‬آخر،‭ ‬هو‭ ‬تيدي‭ ‬كاتس‭ ‬الذي‭ ‬قدَّم‭ ‬رسالةَ‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬دائرةِ‭ ‬تاريخ‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بجامعةِ‭ ‬حيفا،‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬تهجيرُ‭ ‬العربِ‭ ‬من‭ ‬القرى‭ ‬المحاذيةِ‭ ‬لجبل‭ ‬الكرمل‮»‬‭.‬

ردُّ‭ ‬الفعلِ‭ ‬الإسرائيليِّ‭ ‬العنيف‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬اعتراضًا‭ ‬على‭ ‬الحقائقِ‭ ‬التي‭ ‬سردَها‭ ‬هذا‭ ‬الفيلمُ‭ ‬الوثائقيُّ،‭ ‬ولكن‭ ‬لأنه‭ ‬يسهمُ‭ ‬في‭ ‬تشويه‭ ‬الصورةِ‭ ‬التي‭ ‬تحاولُ‭ ‬الصهيونيَّةُ‭ ‬أن‭ ‬تروِّجَها‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأنها‭ ‬الحملُ‭ ‬الوديعُ‭ ‬بين‭ ‬الذئاب‭ ‬العرب،‭ ‬أو‭ ‬بأنها‭ ‬الدولةُ‭ ‬الباحثةُ‭ ‬عن‭ ‬السلامِ‭ ‬مع‭ ‬جيرانِها‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬إبادتِها‭.‬

هذه‭ ‬السرديَّةُ‭ ‬الإسرائيليَّةُ‭ ‬المزيَّفةُ‭ ‬التي‭ ‬روَّجت‭ ‬لها‭ ‬الصهيونيَّةُ‭ ‬العالميَّةُ‭ ‬بكلِّ‭ ‬قوةٍ‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬75‭ ‬عامًا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أبحاثٍ‭ ‬أكاديميَّةٍ‭ ‬ووثائقياتٍ‭ ‬مفبركة،‭ ‬ومراكزَ‭ ‬بحثيَّة،‭ ‬ومحطاتٍ‭ ‬إخبارية‭ ‬وأفلامٍ‭ ‬سينمائيَّة،‭ ‬وأنفقت‭ ‬ملياراتِ‭ ‬الدولارات‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تغييبِ‭ ‬الحقائق‭ ‬عن‭ ‬المجتمعِ‭ ‬العالميِّ‭ ‬كلِّه،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬المجتمعَ‭ ‬الغربيّ‭.‬

ولم‭ ‬يمرّ‭ ‬العامُ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الواقعةِ،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬السابعُ‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬ليكتبَ‭ ‬سطرًا‭ ‬جديدًا‭ ‬في‭ ‬فصولِ‭ ‬المأساةِ‭ ‬الفلسطينيَّة‭ ‬التي‭ ‬تحاولُ‭ ‬إسرائيلُ‭ ‬وأعوانُها‭ ‬التغافلَ‭ ‬عنها،‭ ‬حيث‭ ‬جاءت‭ ‬محاولاتُ‭ ‬المقاومةِ‭ ‬لإيقاظِ‭ ‬الضميرِ‭ ‬العالميِّ‭ ‬تجاه‭ ‬القضيةِ‭ ‬الفلسطينيَّة‭ ‬المنسيَّة‭ ‬والتي‭ ‬تصوَّر‭ ‬كثيرٌ‭ ‬من‭ ‬زعماءِ‭ ‬العالم‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬حاضرةً‭ ‬في‭ ‬أجندةِ‭ ‬الصراعات،‭ ‬وأن‭ ‬الشعبَ‭ ‬الفلسطينيِّ‭ ‬خنعَ‭ ‬وقبلَ‭ ‬بالأمرِ‭ ‬الواقع‭ ‬المفروض‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الاحتلالِ‭ ‬الجائر‭.‬

مع‭ ‬بدايةِ‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬سعت‭ ‬إسرائيلُ‭ ‬وآلاتُها‭ ‬الإعلاميَّةُ‭ ‬الصهيونيَّةُ‭ ‬الضخمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬لعبِ‭ ‬دور‭ ‬الضحية‭ ‬‮«‬Underdogs‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المسارعةِ‭ ‬في‭ ‬إلصاقِ‭ ‬الاتهامات‭ ‬بالمقاومةِ‭ ‬واختلاقِ‭ ‬القصصِ‭ ‬المفبركة‭ ‬عن‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬وتابعنا‭ ‬كيف‭ ‬سقطت‭ ‬محطاتٌ‭ ‬إخباريَّةٌ‭ ‬عالميَّة‭ ‬في‭ ‬ترديدِ‭ ‬هذه‭ ‬الأكاذيب‭ ‬لتضليلِ‭ ‬شعوبها‭ ‬عن‭ ‬الجرائمِ‭ ‬الإسرائيليَّة‭.‬

وسارعَ‭ ‬زعماءُ‭ ‬الغربِ‭ ‬إلى‭ ‬التوافدِ‭ ‬إلى‭ ‬العاصمةِ‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬لتقديمِ‭ ‬كلِّ‭ ‬فروضِ‭ ‬الولاء‭ ‬والطاعة‭ ‬لهذا‭ ‬الكيانِ‭ ‬الغاصب‭ ‬الذي‭ ‬خُلق‭ ‬بأيدي‭ ‬قادة‭ ‬غربيين‭ ‬خدمةً‭ ‬للأفكارِ‭ ‬الاستعماريَّة،‭ ‬وتناسوا‭ ‬حتى‭ ‬تاريخ‭ ‬العصاباتِ‭ ‬الصهيونيَّة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬أهدرت‭ ‬دماءَ‭ ‬مواطنيهم‭ ‬الغربيين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬والجميع‭ ‬شاهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬ريشي‭ ‬سوناك،‭ ‬الذي‭ ‬مكث‭ ‬في‭ ‬فندق‭ ‬‮«‬الملك‭ ‬داود‮»‬‭ ‬بمدينةِ‭ ‬القدس‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬ذلك‭ ‬الفندق‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬شاهدًا‭ ‬على‭ ‬مقتل‭ ‬عشراتِ‭ ‬البريطانيين‭ ‬على‭ ‬يدِ‭ ‬جماعةٍ‭ ‬إرهابيَّة‭ ‬صهيونيَّة،‭ ‬ولكن‭ ‬البعضَ‭ ‬يحاولُ‭ ‬محو‭ ‬التاريخ،‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يحدثَ‭ ‬أبدًا‭.‬

اليوم‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬ما‭ ‬يقربُ‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬يومًا‭ ‬من‭ ‬العدوانِ‭ ‬الإسرائيليِّ‭ ‬الهمجيِّ‭ ‬على‭ ‬غزةَ،‭ ‬يقفُ‭ ‬العالمُ‭ ‬مشدوهًا‭ ‬أمام‭ ‬قدرةِ‭ ‬الشعبِ‭ ‬الفلسطينيِّ‭ ‬على‭ ‬الصمودِ‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬هذه‭ ‬الآلةِ‭ ‬العسكريَّةِ‭ ‬الوحشيَّة،‭ ‬فمجرمُ‭ ‬الحربِ‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجيشُه‭ ‬نجحَ‭ ‬في‭ ‬قتلِ‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬وتدمير‭ ‬البنيةِ‭ ‬التحتيَّة‭ ‬والمستشفياتِ‭ ‬والبيوت‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬لكنهم‭ ‬فشلوا‭ ‬فشلا‭ ‬ذريعًا‭ ‬في‭ ‬هزيمةِ‭ ‬المقاومة،‭ ‬لأن‭ ‬الفلسطينيَّ‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬متشبثٌ‭ ‬بحقه‭ ‬وأرضِه‭ ‬وأرض‭ ‬آبائِه‭ ‬وأجدادِه‭.‬

الحقائقُ‭ ‬على‭ ‬الأرضِ‭ ‬أدحضت‭ ‬كلَّ‭ ‬الأكاذيبِ‭ ‬الإسرائيليَّة،‭ ‬وفضحت‭ ‬المجازرَ‭ ‬التي‭ ‬تُرتكبُ‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المدنيين،‭ ‬مع‭ ‬ارتقاءِ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬ألفَ‭ ‬شهيدٍ‭ ‬فلسطينيِّ،‭ ‬70‭%‬‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬الأطفالِ‭ ‬والنساءِ‭ ‬الأبرياء،‭ ‬وتم‭ ‬القضاءُ‭ ‬على‭ ‬731‭ ‬عائلةً‭ ‬بالكامل،‭ ‬وسجلت‭ ‬منظمةُ‭ ‬الصحةِ‭ ‬العالميَّة‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬137‭ ‬هجومًا‭ ‬إسرائيليًّا‭ ‬على‭ ‬منشآتٍ‭ ‬طبيَّة‭ ‬في‭ ‬غزةَ،‭ ‬وتم‭ ‬استهدافُ‭ ‬الصحفيين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يفضحون‭ ‬حقيقةَ‭ ‬إسرائيل‭.‬

هذا‭ ‬من‭ ‬الجانبِ‭ ‬الإنسانيِّ،‭ ‬أما‭ ‬بالحساباتِ‭ ‬العسكريَّة‭ ‬فقد‭ ‬فشلت‭ ‬إسرائيلُ‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬انتصارات‭ ‬تُذكر‭ ‬على‭ ‬المقاومة،‭ ‬رغم‭ ‬محاولاتِ‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬ترديدَ‭ ‬أرقام‭ ‬عن‭ ‬استهدافه‭ ‬قياداتٍ‭ ‬من‭ ‬المقاومةِ‭ ‬لتعويض‭ ‬خسائره‭ ‬من‭ ‬الجنودِ‭ ‬والآلياتِ‭ ‬العسكريَّة‭ ‬على‭ ‬الأرضِ‭ ‬يوميًّا‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬دفعَ‭ ‬المحلل‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬البارز‭ ‬عاموس‭ ‬هارئيل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يقولَ‭ ‬إن‭ ‬حركةَ‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬في‭ ‬قطاعِ‭ ‬غزةَ‭ ‬بعيدةٌ‭ ‬كلَّ‭ ‬البعدِ‭ ‬عن‭ ‬الاستسلامِ‭ ‬والانهيارِ‭ ‬في‭ ‬الوقتِ‭ ‬الراهن،‭ ‬رغم‭ ‬الضرباتِ‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬غيرِ‭ ‬المسبوقة‭.‬

وبحسب‭ ‬هارئيل‭ ‬في‭ ‬مقالٍ‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬هآرتس‮»‬‭ ‬العبرية‭: ‬‮«‬دخلت‭ ‬إسرائيلُ‭ ‬الحربَ‭ ‬وهي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬عجزٍ‭ ‬رهيب،‭ ‬نتيجة‭ ‬لفشل‭ ‬مروِّع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والتأهّب‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‮»‬‭.‬

وأضاف‭: ‬‮«‬بحلول‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعافت‭ ‬فيه‭ ‬القواتُ‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬وبدأت‭ ‬القتالَ‭ ‬بفعاليَّة،‭ ‬كان‭ ‬نحو‭ ‬1200‭ ‬إسرائيليِّ‭ ‬قد‭ ‬قُتلوا‭ ‬بالفعل‭ ‬واختُطف‭ ‬نحو‭ ‬240‭ ‬آخرين‮»‬‭.‬

وتابع‭: ‬‮«‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬أصبح‭ ‬كلُّ‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬القيامُ‭ ‬به‭ ‬وما‭ ‬سيجري‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬أشبهَ‭ ‬بمحاولةٍ‭ ‬يائسة‭ ‬لملاحقة‭ ‬عدو‭ ‬أشعل‭ ‬النارَ‭ ‬بالفعل‭ ‬ويتقدم‭ ‬بسرعة‮»‬‭.‬

ووفقًا‭ ‬للإعلامِ‭ ‬الإسرائيليِّ،‭ ‬قُتل‭ ‬38‭ ‬جنديًّا‭ ‬وأُصيب‭ ‬أكثرُ‭ ‬من‭ ‬270‭ ‬بينهم‭ ‬100‭ ‬إصاباتُهم‭ ‬خطرة،‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬المعارك‭ ‬البرية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬27‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬حتى‭ ‬10‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬لكن‭ ‬‮«‬كتائبَ‭ ‬القسام‮»‬‭ ‬تعلنُ‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬خسائرَ‭ ‬الجيشِ‭ ‬الإسرائيليِّ،‭ ‬وتقولُ‭ ‬إنها‭ ‬أكبرُ‭ ‬بكثيرٍ‭ ‬مما‭ ‬تعلنُه‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭.‬

من‭ ‬وجهةِ‭ ‬نظري،‭ ‬إن‭ ‬الفشلَ‭ ‬الإسرائيليَّ‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬سقوط‭ ‬السرديَّةِ‭ ‬الصهيونيَّة‭ ‬المزيفة‭ ‬في‭ ‬عيونِ‭ ‬كثيرٍ‭ ‬من‭ ‬الشعوبِ‭ ‬الحرة‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬الانتهاكاتِ‭ ‬الأخلاقيَّة‭ ‬والإنسانيَّة‭ ‬التي‭ ‬ترتكبُها‭ ‬إسرائيلُ،‭ ‬ورأينا‭ ‬بأعينِنا‭ ‬الدعمَ‭ ‬الإنسانيَّ‭ ‬والإعلاميَّ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شعوبِ‭ ‬العالم‭ ‬ككل‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬الشعوبَ‭ ‬الأوروبيَّة‭ ‬والأمريكيَّة،‭ ‬بما‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬الذين‭ ‬وجَّهوا‭ ‬على‭ ‬الملأ‭ ‬وعلى‭ ‬شاشاتِ‭ ‬التلفاز‭ ‬أصابعَ‭ ‬الاتهام‭ ‬لإسرائيلَ‭ ‬بالكذب،‭ ‬وكتمانِ‭ ‬الحقائق،‭ ‬بغيةَ‭ ‬تشويه‭ ‬حقيقة‭ ‬القضيَّةِ‭ ‬الفلسطينيَّة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬75‭ ‬سنة،‭ ‬ومحاولاتهم‭ ‬تخدير‭ ‬الشعوب‭ ‬اليهوديَّة‭ ‬المختلفة‭ ‬بأحقيةِ‭ ‬إسرائيلَ‭ ‬في‭ ‬سلبِ‭ ‬ونهبِ‭ ‬وقتلِ‭ ‬وتشريد‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

وأجبرت‭ ‬مشاهدُ‭ ‬الأطفالِ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬المجازرِ‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬قادةِ‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬أصحابِ‭ ‬الضمائر‭ ‬أن‭ ‬ينطقوا‭ ‬بالحقيقة،‭ ‬إذ‭ ‬وصف‭ ‬رئيسُ‭ ‬الوزراء‭ ‬الإيرلندي‭ ‬ليو‭ ‬فارادكار‭ ‬عدوانَ‭ ‬الاحتلال‭ ‬ضد‭ ‬غزةَ‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬شيء‭ ‬يقتربُ‭ ‬من‭ ‬الانتقام‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬الانتقاداتِ‭ ‬حدية‭ ‬لزعيم‭ ‬دولة‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبيِّ‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭. ‬

وقال‭ ‬نائبُ‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإيرلندي‭ ‬مايكل‭ ‬مارتن‭ ‬إنّ‭ ‬إيرلندا‭ ‬‮«‬مؤيّدٌ‭ ‬ثابت‭ ‬وقويّ‮»‬‭ ‬للمحكمةِ‭ ‬الجنائيَّة‭ ‬الدوليَّة‭ ‬في‭ ‬التحقيقِ‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬وحماس‭.‬

وقال‭ ‬وزيرُ‭ ‬خارجيةِ‭ ‬النرويج‭ ‬إسبن‭ ‬بارث‭ ‬إيدي‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الوضعَ‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزةَ‭ ‬لا‭ ‬يمكنُ‭ ‬قبوله،‭ ‬مع‭ ‬تفاقمٍ‭ ‬للوضع‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬القطاعِ‭ ‬المحاصر‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬إيدي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصراعَ‭ ‬في‭ ‬غزةَ‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقمِ‭ ‬الوضع‭ ‬الإنسانيِّ،‭ ‬أهمها‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الشفاءِ‭ ‬الطبي‭ ‬الذي‭ ‬تجاوزت‭ ‬فيه‭ ‬إسرائيلُ‭ ‬الحدودَ‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قبولُه‭. ‬

وفي‭ ‬خطوةِ‭ ‬تضامنٍ‭ ‬لافتة‭ ‬مع‭ ‬غزةَ،‭ ‬حمَلت‭ ‬لوريل‭ ‬كولينس‭ ‬النائبةُ‭ ‬في‭ ‬البرلمانِ‭ ‬الكندي‭ ‬طفلتَها‭ ‬الرضيعةَ‭ ‬خلالَ‭ ‬جلسةٍ‭ ‬برلمانيَّة‭ ‬لمناشدة‭ ‬النواب‭ ‬وقف‭ ‬القصفِ‭ ‬الإسرائيليِّ‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزةَ‭ ‬فورًا‭.‬

وقالت‭ ‬كولينس‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يُمكننا‭ ‬تجاهل‭ ‬الأزمةِ‭ ‬الإنسانيَّة‭ ‬التي‭ ‬تتكشّفُ‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬يوجد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬ألفَ‭ ‬امرأةٍ‭ ‬حامل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬رعايةٍ‭ ‬طبيَّة‭ ‬أو‭ ‬ماء‭ ‬أو‭ ‬طعام‭ ‬أو‭ ‬كهرباء،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬امرأة‭ ‬يلدن‭ ‬يوميًّا‭ ‬وسطَ‭ ‬الفوضى،‭ ‬بينما‭ ‬تجري‭ ‬العملياتُ‭ ‬القيصريَّةُ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تخدير،‭ ‬ويتعرّضن‭ ‬للإجهاض‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬قبل،‭ ‬قال‭ ‬السيناتور‭ ‬بيرني‭ ‬ساندرز‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأمريكي‭: ‬‮«‬إنّ‭ ‬قصفَ‭ ‬الاحتلالِ‭ ‬الإسرائيليِّ‭ ‬العشوائيِّ‭ ‬يقتلُ‭ ‬آلافَ‭ ‬الأبرياءِ‭ ‬في‭ ‬قطاعِ‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬وتابع‭: ‬‮«‬إن‭ ‬القصفَ‭ ‬الإسرائيليَّ‭ ‬يستهدفُ‭ ‬المستشفياتِ‭ ‬ومخيماتِ‭ ‬اللاجئين‭ ‬ويجبُ‭ ‬أن‭ ‬يتوقفَ‭ ‬الآن‮»‬‭.‬

في‭ ‬الوقتِ‭ ‬نفسه،‭ ‬أجدُ‭ ‬أن‭ ‬طردَ‭ ‬وزيرةِ‭ ‬الداخلية‭ ‬البريطانية‭ ‬سويلا‭ ‬بريفرمان‭ ‬من‭ ‬منصبِها،‭ ‬على‭ ‬أثر‭ ‬انتقادها‭ ‬للطريقةِ‭ ‬التي‭ ‬تعاملت‭ ‬بها‭ ‬شرطةُ‭ ‬العاصمةِ‭ ‬لندن‭ ‬مع‭ ‬مسيرةٍ‭ ‬مؤيدةٍ‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬دليلٌ‭ ‬على‭ ‬الضغطِ‭ ‬الرهيبِ‭ ‬الذي‭ ‬أجبرَ‭ ‬الحكومةَ‭ ‬البريطانيَّة‭ ‬على‭ ‬اتخاذِ‭ ‬قرار‭ ‬يمثِّلُ‭ ‬سابقةً‭ ‬في‭ ‬تاريخِ‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬البريطاني،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬التجربةَ‭ ‬الوحيدةَ‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1956‭ ‬حينما‭ ‬استقال‭ ‬السير‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬نانتج‮»‬‭ ‬وزيرُ‭ ‬الدولة‭ ‬البريطاني‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجيَّة‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬الاعتداءِ‭ ‬الثلاثي‭ ‬على‭ ‬مصر،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬سوى‭ ‬قبولِ‭ ‬الاستقالة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬تمَّ‭ ‬طردُ‭ ‬وزيرةِ‭ ‬الداخليَّة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القضيةِ‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬حبًا‭ ‬لفلسطين‭ ‬ولكن‭ ‬إحراجًا‭ ‬أمام‭ ‬الشعبِ‭ ‬البريطاني‭.‬

لذا،‭ ‬علينا‭ ‬نحن‭ ‬العربَ‭ ‬أن‭ ‬ننظرَ‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحقائقِ‭ ‬وألا‭ ‬نحكمَ‭ ‬على‭ ‬الغربِ‭ ‬جميعه‭ ‬ككتلةٍ‭ ‬واحدة،‭ ‬هناك‭ ‬فاصلٌ‭ ‬بين‭ ‬الغربِ‭ ‬الحكوميِّ‭ ‬والغربِ‭ ‬الشعبيِّ،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نواصلَ‭ ‬العملَ‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيصالِ‭ ‬الحقائقِ‭ ‬إلى‭ ‬كلِّ‭ ‬شعوبِ‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬غالبيتُها‭ ‬يهتفُ‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬الحرية‭ ‬لفلسطين‮»‬‭.‬

أصواتُ‭ ‬الشعوبِ‭ ‬هذه‭ ‬أجبرت‭ ‬المؤسساتِ‭ ‬الإعلاميَّةِ‭ ‬مثل‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬البريطانيَّة‭ ‬وسي‭ ‬إن‭ ‬إن‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬على‭ ‬تغييرٍ‭ ‬في‭ ‬سياستِها‭ ‬نوعًا‭ ‬ما،‭ ‬إذ‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬لا‭ ‬يقبلون‭ ‬أبدًا‭ ‬مسَّ‭ ‬إسرائيلَ‭ ‬بأيِ‭ ‬نقد،‭ ‬وأكررُ‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬إدراكًا‭ ‬او‭ ‬استدراكًا‭ ‬منهم‭ ‬بل‭ ‬خوفًا‭ ‬على‭ ‬سمعتِهم‭ ‬كمؤسساتٍ‭ ‬إعلاميَّة‭ ‬من‭ ‬الاتهام‭ ‬بالتبعيَّة‭ ‬للصهيونيَّة‭ ‬العالميَّة‭.‬

وهنا‭ ‬يجبُ‭ ‬أن‭ ‬نقدِّرَ‭ ‬دورَ‭ ‬منصةِ‭ ‬‮«‬إكس»؛‭ ‬إذ‭ ‬استطاعت‭ ‬الشعوبُ‭ ‬الواعيةُ‭ ‬تجنيدَ‭ ‬هذا‭ ‬السلاحِ‭ ‬الفتاك،‭ ‬غير‭ ‬القابلِ‭ ‬للتشكيك،‭ ‬في‭ ‬نشرِ‭ ‬حقائق‭ ‬الجرائمِ‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬تجاه‭ ‬الأبرياءِ‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬تسببوا‭ ‬في‭ ‬تغييرِ‭ ‬الحقائقِ‭ ‬الإعلاميَّة‭ ‬في‭ ‬المؤسساتِ‭ ‬الكبيرةِ‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تروِّجُ‭ ‬في‭ ‬بدايةِ‭ ‬الأحداث‭ ‬السرديَّة‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬فقط‭.‬

إن‭ ‬الصمودَ‭ ‬الفلسطينيّ‭ ‬لم‭ ‬يدفع‭ ‬الشعوبَ‭ ‬الغربيَّةَ‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬الشعبُ‭ ‬الأمريكي‭ ‬إلى‭ ‬تأييد‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬فقط،‭ ‬ولكن‭ ‬باتت‭ ‬تخرجُ‭ ‬منه‭ ‬أصوات‭ ‬عبر‭ ‬مختلفِ‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعيِّ‭ ‬تنتقدُ‭ ‬توجيهَ‭ ‬أموال‭ ‬الضرائب‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬لصالحِ‭ ‬آلةِ‭ ‬القتل‭ ‬الإسرائيليَّة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرمان‭ ‬الأمريكيين‭ ‬أنفسِهم‭ ‬من‭ ‬الخدماتِ‭ ‬التعليميَّةِ‭ ‬والطبيَّة،‭ ‬فيما‭ ‬الشعبُ‭ ‬الأمريكيُّ‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يدفعُ‭ ‬من‭ ‬عرقِ‭ ‬جبينه‭ ‬باسم‭ ‬الضرائبِ‭ ‬للحكومةِ‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬هذه‭ ‬الأموالَ‭.‬

وزارةُ‭ ‬الخارجيَّةِ‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬وزيرِ‭ ‬خارجيتها‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬أقرَّت‭ ‬بوجودِ‭ ‬خلافات‭ ‬داخل‭ ‬الوزارة،‭ ‬بشأن‭ ‬نهج‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬تجاه‭ ‬الحربِ‭ ‬بين‭ ‬إسرائيلَ‭ ‬وحركةِ‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬الفلسطينيَّة‭.‬

وكتب‭ ‬بلينكن‭ ‬في‭ ‬رسالةٍ‭ ‬عبرَ‭ ‬البريدِ‭ ‬الإلكترونيِّ‭ ‬إلى‭ ‬موظفيه‭: ‬‮«‬أعلمُ‭ ‬أنه‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الكثيرين‭ ‬منكم،‭ ‬فإن‭ ‬المعاناةَ‭ ‬الناجمةَ‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأزمةِ‭ ‬لها‭ ‬أثرٌ‭ ‬شخصيٌّ‭ ‬كبير،‭ ‬إن‭ ‬الألمَ‭ ‬الذي‭ ‬يصاحبُ‭ ‬رؤيةَ‭ ‬الصور‭ ‬اليوميَّة‭ ‬للرضَّع‭ ‬والأطفال‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬والنساء،‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمةِ‭ ‬أمرٌ‭ ‬مؤلم،‭ ‬وأشعر‭ ‬بذلك‭ ‬بنفسي‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بعضَ‭ ‬الأشخاصِ‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجيَّة‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬قد‭ ‬يختلفون‭ ‬مع‭ ‬الأساليبِ‭ ‬التي‭ ‬نتبعها،‭ ‬أو‭ ‬لديهم‭ ‬وجهاتُ‭ ‬نظرٍ‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يمكننا‭ ‬القيامُ‭ ‬به‭ ‬بشكلٍ‭ ‬أفضل،‭ ‬وقمنا‭ ‬بتنظيم‭ ‬منتدياتٍ‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬للاستماعِ‭ ‬إليكم،‭ ‬وحثثنا‭ ‬المديرين‭ ‬والفرقَ‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬مناقشاتٍ‭ ‬صريحة‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد،‭ ‬حتى‭ ‬نتمكَّنَ‭ ‬من‭ ‬سماعِ‭ ‬تعليقاتكم‭ ‬وأفكارِكم،‭ ‬وطلبت‭ ‬من‭ ‬قيادتنا‭ ‬العليا‭ ‬الاستمرارَ‭ ‬في‭ ‬القيامِ‭ ‬بذلك‮»‬‭.‬

البعضُ‭ ‬قد‭ ‬يرى‭ ‬إنني‭ ‬قد‭ ‬أعوِّلُ‭ ‬على‭ ‬الغرب،‭ ‬ولكني‭ ‬في‭ ‬الحقيقةِ‭ ‬أعوِّلُ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬نمتلكُه‭ ‬نحن‭ ‬العربَ‭ ‬من‭ ‬قدراتٍ‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬محدودةً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إفشالِ‭ ‬الهيمنةِ‭ ‬الصهيونيَّة‭ ‬على‭ ‬العقولِ‭ ‬الغربية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬متغيراتٍ‭ ‬فرضتها‭ ‬قيمُ‭ ‬العولمةِ‭ ‬والارتباط‭ ‬بالعالم‭ ‬الخارجيِّ‭.‬

العربُ‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬مدوا‭ ‬أيديهم‭ ‬بالسلامِ‭ ‬سنواتٍ‭ ‬طويلة،‭ ‬لكن‭ ‬إسرائيلَ‭ ‬وكثيرًا‭ ‬من‭ ‬قادتِها‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يحاربون‭ ‬السلامَ،‭ ‬والذي‭ ‬نراه‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تصريحاتٍ‭ ‬لمسؤولين‭ ‬إسرائيليين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬تأكيدٌ‭ ‬لعنصريتهم،‭ ‬فوزيرُ‭ ‬ثقافتِهم‭ ‬يريدُ‭ ‬ضربَ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بالقنبلةِ‭ ‬النووية،‭ ‬ووزيرُ‭ ‬ماليتِهم‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬ترحيلِهم‭ ‬إلى‭ ‬الدولِ‭ ‬الغربيَّة‭ ‬بعدما‭ ‬رفضت‭ ‬الدولُ‭ ‬العربيَّةُ‭ ‬قبولَهم‭ ‬بحسب‭ ‬ادعائه،‭ ‬ورئيسُ‭ ‬وزرائهم‭ ‬يهددُ‭ ‬أيَّ‭ ‬دولةٍ‭ ‬عربيَّة‭ ‬ستساعدُ‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فهل‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬دولةٌ‭ ‬تبحثُ‭ ‬عن‭ ‬السلامِ‭ ‬مع‭ ‬جيرانها؟‭!‬

سيبقى‭ ‬الأملُ‭ ‬في‭ ‬استمرارِ‭ ‬النضالِ‭ ‬لإعادة‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطينيِّ،‭ ‬مع‭ ‬مواصلةِ‭ ‬دعم‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينيَّة‭ ‬المشروعة،‭ ‬وسيبقى‭ ‬مدادُ‭ ‬أقلامِنا‭ ‬يروي‭ ‬قصةَ‭ ‬أرضٍ‭ ‬عربيَّة‭ ‬اغتصبها‭ ‬الصهاينةُ‭ ‬بمباركةٍ‭ ‬غربيَّة،‭ ‬مادامت‭ ‬دماءُ‭ ‬أبنائنا‭ ‬تروي‭ ‬أرضَها‭ ‬المقدسة،‭ ‬رغم‭ ‬ادعاءاتِ‭ ‬إسرائيلَ‭ ‬الكاذبة‭.‬

ونؤمنُ‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأطفالِ‭ ‬الخدَّج‭ ‬الذين‭ ‬يدفعون‭ ‬حياتَهم‭ ‬جراءَ‭ ‬الوحشيَّة‭ ‬الإسرائيليَّة،‭ ‬سيخرجُ‭ ‬طفلٌ‭ ‬مغروسٌ‭ ‬في‭ ‬قلبِه‭ ‬حقُّ‭ ‬فلسطين،‭ ‬سيحملُه‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬كلِّ‭ ‬مكان‭ ‬رغم‭ ‬دباباتٍ‭ ‬وطائرات‭ ‬وصواريخ‭ ‬إسرائيليَّة‭ ‬أمريكيَّة‭ ‬وبريطانيَّة‭ ‬تحاولُ‭ ‬انتزاعَ‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬بسرديَّةٍ‭ ‬دينيَّةٍ‭ ‬مزيفة‭ ‬يروجها‭ ‬الإسرائيليون‭.‬

 


مذبحة‭ ‬الطنطورة،‭ ‬ارتكبتها‭ ‬عصاباتُ‭ ‬‮«‬الهاجاناة‮»‬‭ ‬الإرهابيَّة‭ ‬الصهيونيَّة‭ ‬حين‭ ‬أجبرت‭ ‬العشراتِ‭ ‬من‭ ‬أهلِ‭ ‬هذه‭ ‬القريةِ‭ ‬الفلسطينيَّة‭ ‬على‭ ‬حفر‭ ‬خنادق،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تطلقَ‭ ‬النيرانَ‭ ‬عليهم،‭ ‬وتدفنَهم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الخنادق،‭ ‬حيث‭ ‬سقط‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬مايو‭ ‬1948‭ ‬أكثرُ‭ ‬من‭ ‬230‭ ‬شهيدًا‭ ‬في‭ ‬مقابرَ‭ ‬جماعية‭ ‬بعد‭ ‬شهرٍ‭ ‬واحد‭ ‬تقريبًا‭ ‬من‭ ‬مذبحةِ‭ ‬دير‭ ‬ياسين،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬عملية‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬الصهيونيَّةُ‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا