العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

أليس فيكم رجل رشيد؟!

 

ظهرتْ‭ ‬في‭ ‬أعقابِ‭ ‬حرب‭ ‬1967‭ ‬أغنيةٌ‭ ‬نادرةٌ‭ ‬للمطربةِ‭ ‬اللبنانيَّةِ‭ ‬فيروز‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬سافرت‭ ‬القضية‮»‬‭ ‬أُعيدَ‭ ‬تداولُها‭ ‬مؤخرًا‭ ‬على‭ ‬منصاتِ‭ ‬التواصلِ‭ ‬الاجتماعيِّ،‭ ‬عندما‭ ‬تستمعُ‭ ‬إلى‭ ‬الأغنيةِ‭ ‬تتصوَّرُ‭ ‬أنها‭ ‬تروي‭ ‬واقعَنا‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬ونحن‭ ‬نتابعُ‭ ‬مرافعاتِ‭ ‬القضيةِ‭ ‬التي‭ ‬أقامتها‭ ‬دولةُ‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬أمامَ‭ ‬محكمةِ‭ ‬العدلِ‭ ‬الدوليَّة‭ ‬عن‭ ‬جرائمِ‭ ‬الإبادةِ‭ ‬الجماعيَّة‭ ‬التي‭ ‬ترتكبُها‭ ‬إسرائيلُ‭ ‬بحق‭ ‬الشعبِ‭ ‬الفلسطينيِّ‭.‬

فأيُّ‭ ‬مراقبٍ‭ ‬سياسيِّ‭ ‬مع‭ ‬كلِّ‭ ‬الحيدةِ‭ ‬في‭ ‬عقلِه‭ ‬لا‭ ‬يستطيعُ‭ ‬أن‭ ‬يقرأَ‭ ‬مستقبلَ‭ ‬القضيةِ‭ ‬الفلسطينيَّة،‭ ‬والسببُ‭ ‬الواضحُ‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجدُ‭ ‬هناك‭ ‬رجلٌ‭ ‬رشيدُ‭ ‬العقلِ‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬الغربِ،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أما‭ ‬العرب‭ ‬فقدراتُهم‭ ‬محدودةٌ‭ ‬في‭ ‬التأثيرِ‭ ‬في‭ ‬المشهد‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ويجري‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والعالمُ‭ ‬يراه‭ ‬لحظةً‭ ‬بلحظة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كلِّ‭ ‬الوسائطِ‭ ‬الإعلاميَّة‭ ‬المختلفة،‭ ‬ويتابعُ‭ ‬تلك‭ ‬الجرائمَ‭ ‬التي‭ ‬تُرتكبُ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬بحق‭ ‬الشعبِ‭ ‬الفلسطينيِّ،‭ ‬وسط‭ ‬سكوتٍ‭ ‬مدقع‭ ‬من‭ ‬المجتمعِ‭ ‬الدوليِّ،‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يفسحُ‭ ‬المجالَ‭ ‬أمام‭ ‬سيادةِ‭ ‬منطق‭ ‬الغابة‭ ‬في‭ ‬العلاقاتِ‭ ‬الدوليَّة‭ ‬وسط‭ ‬غيابٍ‭ ‬تام‭ ‬للقيمِ‭ ‬الإنسانيَّة‭ ‬والبشريَّة‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬الإنسانيَّة‭.‬

واليوم‭ ‬العالمُ‭ ‬مجتمع‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دورةٍ‭ ‬جديدة‭ ‬لمجلسِ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬عن‭ ‬أيِّ‭ ‬حقوقٍ‭ ‬يتحدثون‭ ‬وقد‭ ‬دُهس‭ ‬الحقُ‭ ‬في‭ ‬الحياةِ‭ ‬تحتَ‭ ‬أقدامِ‭ ‬القوى‭ ‬الدوليَّة‭ ‬الكبرى،‭ ‬مع‭ ‬مساندتِهم‭ ‬العمياء‭ ‬للعدوانِ‭ ‬الإسرائيليِّ‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬مقبلون‭ ‬على‭ ‬مجزرةٍ‭ ‬جديدةٍ‭ ‬ترتِّبُ‭ ‬لها‭ ‬إسرائيلُ‭ ‬أمام‭ ‬أعينِ‭ ‬العالم‭ ‬وهي‭ ‬اجتياحُ‭ ‬رفح‭ ‬الفلسطينيِّة‭ ‬تلك‭ ‬البقعة‭ ‬التي‭ ‬تكدَّسَ‭ ‬فيها‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬هربًا‭ ‬من‭ ‬جحيمِ‭ ‬إسرائيلَ‭.‬

وعلى‭ ‬العالمِ‭ ‬أن‭ ‬يدركَ‭ ‬أن‭ ‬أكبرَ‭ ‬خطرٍ‭ ‬يهددُ‭ ‬البشريةَ‭ ‬جمعاء‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يكفرَ‭ ‬الإنسانُ‭ ‬بالمنظومةِ‭ ‬الدوليَّة‭ ‬القائمة‭ ‬التي‭ ‬تعجزُ‭ ‬عن‭ ‬ضمانِ‭ ‬الأمنِ‭ ‬والأمانِ‭ ‬والاستقرار‭ ‬لكلِّ‭ ‬إنسان‭ ‬يتوقُ‭ ‬إلى‭ ‬العيشِ‭ ‬بسلام‭.‬

فقبل‭ ‬أيام‭ ‬أقدم‭ ‬آرون‭ ‬بوشنل‭ ‬أحدُ‭ ‬أفرادِ‭ ‬القواتِ‭ ‬الجويَّة‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬على‭ ‬إضرامِ‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬نفسِه‭ ‬أمام‭ ‬السفارةِ‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬ولفظ‭ ‬أنفاسَه‭ ‬الأخيرةَ‭ ‬متأثرًا‭ ‬بإصابته،‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬لن‭ ‬أكونَ‭ ‬متواطئا‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الإبادةِ‭ ‬الجماعيَّة‮»‬‭ ‬في‭ ‬رسالةٍ‭ ‬حاول‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬فضحَ‭ ‬جرائم‭ ‬الاحتلال‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬كافية‭ ‬لتحرك‭ ‬ساكنًا‭ ‬في‭ ‬موقفِ‭ ‬الإدارةِ‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬برئاسة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بشكلٍ‭ ‬جاد‭ ‬لتنهي‭ ‬معاناةَ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مع‭ ‬استمرارِ‭ ‬الأزمةِ‭ ‬الإنسانيَّة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬الممتدة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬أشهر‭ ‬وراح‭ ‬ضحيتها‭ ‬حوالي‭ ‬30‭ ‬ألفَ‭ ‬شهيد‭.‬

ومن‭ ‬المخزي‭ ‬أن‭ ‬بعضَ‭ ‬الأصواتِ‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬والغربيَّة‭ ‬مازالت‭ ‬تتعامى‭ ‬عن‭ ‬الجرائمِ‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬ولا‭ ‬تسميها‭ ‬بمسمها‭ ‬الحقيقي‭ ‬وهي‭ ‬الإبادةُ‭ ‬الجماعيَّة،‭ ‬بل‭ ‬والأكثر‭ ‬قذارةً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬محاولةُ‭ ‬إيجادِ‭ ‬مبرراتٍ‭ ‬لهذه‭ ‬الجرائمِ‭ ‬الإنسانيَّة‭.‬

خطوةُ‭ ‬المواطنِ‭ ‬الأمريكيِّ،‭ ‬تعيدُ‭ ‬إلى‭ ‬الأذهانِ‭ ‬ما‭ ‬أقدم‭ ‬عليه‭ ‬الراهبُ‭ ‬البوذي‭ ‬ثيش‭ ‬كوانج‭ ‬دوك‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬يونيو‭ ‬1963،‭ ‬من‭ ‬إحراق‭ ‬لنفسه‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬السفارةِ‭ ‬الكمبوديَّة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬هوشي‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬والمعروفة‭ ‬باسم‭ ‬سايجون،‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬الحربِ‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬في‭ ‬فيتنام،‭ ‬والتي‭ ‬أودت‭ ‬بحياةِ‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬الفيتناميين،‭ ‬بدعمٍ‭ ‬ومباركةٍ‭ ‬أمريكيَّة،‭ ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نشاهدُ‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلالِ‭ ‬الإسرائيليِّ‭ ‬وقد‭ ‬قتلت‭ ‬أكثرَ‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬ألفًا‭ ‬وأصابت‭ ‬حوالي‭ ‬70‭ ‬ألفًا‭ ‬آخرين‭ ‬خلال‭ ‬مذبحتِها‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حوالي‭ ‬7500‭ ‬فلسطينيِّ‭ ‬في‭ ‬عدادِ‭ ‬المفقودين‭ ‬أو‭ ‬محاصرين‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض،‭ ‬بحسب‭ ‬وزارة‭ ‬الصحةِ‭ ‬الفلسطينيَّة،‭ ‬وكذلك‭ ‬تتم‭ ‬هذه‭ ‬المذبحةُ‭ ‬بدعمٍ‭ ‬ومباركةٍ‭ ‬وبمشاركة‭ ‬أمريكيَّة‭ ‬باعتراف‭ ‬القادةِ‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أنفسِهم‭.‬

واقعةُ‭ ‬الراهبِ‭ ‬البوذي‭ ‬كانت‭ ‬علامةً‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬تاريخِ‭ ‬الحربِ‭ ‬الفيتناميَّة،‭ ‬فهل‭ ‬يكون‭ ‬موقفُ‭ ‬الجنديِّ‭ ‬الأمريكيِّ‭ ‬نقطةَ‭ ‬تحوُّل‭ ‬تدفع‭ ‬الإدارةَ‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬والغربَ‭ ‬كي‭ ‬يراجعوا‭ ‬سياستهم‭ ‬المنحازةَ‭ ‬لإسرائيلَ‭ ‬على‭ ‬حسابِ‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

إن‭ ‬اقدامَ‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬على‭ ‬إنهاءِ‭ ‬حياته‭ ‬بهذا‭ ‬الأسلوبِ‭ ‬القاسي‭ ‬دليلٌ‭ ‬على‭ ‬اليأسِ‭ ‬والإحباط‭ ‬من‭ ‬وجودِ‭ ‬منظومةٍ‭ ‬دوليَّة‭ ‬تستطيعُ‭ ‬أن‭ ‬تطبقَ‭ ‬العدالةَ‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

الساسةُ‭ ‬الأمريكيون‭ ‬والغربيون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عشراتِ‭ ‬الرحلاتِ‭ ‬المكوكيَّة‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬صرفِ‭ ‬أنظار‭ ‬شعوبهم‭ ‬عن‭ ‬الجرائمِ‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التركيزِ‭ ‬على‭ ‬سيناريو‭ ‬‮«‬اليوم‭ ‬التالي‮»‬،‭ ‬بدعوى‭ ‬وضع‭ ‬ترتيبات‭ ‬لمشهد‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب،‭ ‬والسؤالُ‭ ‬الأهم‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يجب‭ ‬عنه‭ ‬أحدٌ‭ ‬أولا،‭ ‬متى‭ ‬ستقفُ‭ ‬الحربُ؟‭!‬

فالغربُ‭ ‬أتاح‭ ‬كلَّ‭ ‬الفرص‭ ‬أمام‭ ‬نتنياهو‭ ‬ومجلسِ‭ ‬حربِه‭ ‬المقيت،‭ ‬كي‭ ‬يعملَ‭ ‬آلته‭ ‬العسكرية‭ ‬لتقتل‭ ‬يمينًا‭ ‬وشمالا‭ ‬بدعوى‭ ‬حق‭ ‬الدفاعِ‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬وتحريرِ‭ ‬الرهائن،‭ ‬وهي‭ ‬هي‭ ‬الحقيقةُ‭ ‬الجليةُ‭ ‬بوضوح،‭ ‬منذ‭ ‬الدفعِ‭ ‬بالبارجات‭ ‬الحربيَّة‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬والبريطانيَّة‭ ‬والفرنسيَّة‭ ‬إلى‭ ‬شرق‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إمدادِ‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالأسلحة‭ ‬والقنابل‭ ‬التي‭ ‬تفتكُ‭ ‬بكلِّ‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يرددون‭ ‬دائما‭ ‬أنهم‭ ‬طلبوا‭ ‬منها‭ ‬آلا‭ ‬تفرطَ‭ ‬في‭ ‬استخدامِها،‭ ‬مالكم‭ ‬كيف‭ ‬تحكمون؟‭!‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬كشف‭ ‬عنه‭ ‬رئيسُ‭ ‬الوزراءِ‭ ‬الإسرائيليِّ‭ ‬الأسبق‭ ‬إيهود‭ ‬أولمرت‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬هآرتس‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬بضعةِ‭ ‬أيام‭ ‬عندما‭ ‬كتب‭: ‬‮«‬إن‭ ‬غزةَ‭ ‬مجرد‭ ‬خطوةٍ‭ ‬في‭ ‬مخطط‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬لـ‮«‬تطهير‮»‬‭ ‬الضفة‭ ‬الغربيَّة‭ ‬المحتلة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتفريغ‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬وضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬اختتم‭ ‬مقالَه‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أننا‭ ‬بعيدون‭ ‬عن‭ ‬النصرِ‭ ‬الكامل،‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النصر‭ ‬غير‭ ‬ممكن‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬استمرَ‭ ‬العملُ‭ ‬العسكريُّ‭ ‬عدةَ‭ ‬أشهر‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬الثمنَ‭ ‬الذي‭ ‬يدفعُه‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬رؤيةَ‭ ‬النصر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬إمكانيةٌ‭ ‬لتحقيقه،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬يدركُ‭ ‬أن‭ ‬استمرارَ‭ ‬هذه‭ ‬العمليَّة‭  ‬المتهورة‭  ‬‮«‬يقصد‭ ‬العدوانَ‭ ‬على‭ ‬غزة‮»‬‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عزلةِ‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬تشهده‭ ‬من‭ ‬قبل‮»‬‭.‬

وأتساءل‭ ‬هنا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أقدمت‭ ‬الحكومةُ‭ ‬الفلسطينيَّةُ‭ ‬على‭ ‬الاستقالةِ‭ ‬تنفيذًا‭ ‬للمطلبِ‭ ‬الأمريكيِّ،‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية؟‭ ‬ألم‭ ‬يأن‭ ‬الأوانُ‭ ‬أن‭ ‬يرحلَ‭ ‬هذا‭ ‬القاتل‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬هو‭ ‬وأتباعه‭ ‬المجرمون‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬الوصولُ‭ ‬إلى‭ ‬تسويةٍ‭ ‬عادلة‭ ‬لهذا‭ ‬الصراع؟

إنني‭ ‬وإذ‭ ‬أحذِّر‭ ‬من‭ ‬امتدادِ‭ ‬المشهد‭ ‬الدامي‭ ‬حتى‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬سيناريو‭ ‬‮«‬اليوم‭ ‬التالي‮»‬‭ ‬سيطولُ‭ ‬انتظاره،‭ ‬وإن‭ ‬وعدَ‭ ‬بايدن‭ ‬بأن‭ ‬العملياتِ‭ ‬العسكريَّة‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬ستتوقفُ‭ ‬الأسبوع‭ ‬القادم‭ ‬لهو‭ ‬أكبرُ‭ ‬دليلٍ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الساسةَ‭ ‬الأمريكيين‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬إسرائيلَ‭ ‬لم‭ ‬تنتصر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬تدميرِ‭ ‬سمعتها‭ ‬وسمعة‭ ‬حلفائها‭.‬

ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬الإعلانُ‭ ‬الأمريكيُّ‭ ‬في‭ ‬محاولةٍ‭ ‬منهم‭ ‬لجذب‭ ‬انتباه‭ ‬العالم‭ ‬معهم‭ ‬لتحسين‭ ‬صورتهم‭ ‬المشوهة،‭ ‬ولكننا‭ ‬نعلمُ‭ ‬أن‭ ‬العمليَّةَ‭ ‬لن‭ ‬تنتهيَ‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬بل‭ ‬كما‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬الصورةَ‭ ‬النهائيَّة‭ ‬تفوقُ‭ ‬تصورَ‭ ‬أي‭ ‬إنسانٍ‭ ‬على‭ ‬أرضِ‭ ‬الواقع‭.‬

المشهدُ‭ ‬الضبابيُّ‭ ‬في‭ ‬فلسطينَ‭ ‬المحتلة‭ ‬يلقي‭ ‬بآلامٍ‭ ‬تثقلُ‭ ‬النفسَ‭ ‬التي‭ ‬تأبى‭ ‬أن‭ ‬تغضَّ‭ ‬الطرفَ‭ ‬عن‭ ‬المعاناةِ‭ ‬الفلسطينيَّة،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يحتمل‭ ‬الأمرُ‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬التراخي‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬إيجادِ‭ ‬حل‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمةِ‭ ‬الإنسانيَّة‭ ‬التي‭ ‬تنذرُ‭ ‬بمزيدٍ‭ ‬من‭ ‬الانهيارِ‭ ‬الأخلاقيِّ‭ ‬في‭ ‬قيمِ‭ ‬المنظومةِ‭ ‬العالميَّة‭.‬

العقل‭ ‬يحتار‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭ ‬تماطل‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الفوري‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ومد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬فلسطيني‭ ‬محاصرين‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬برا‭ ‬وبحرا‭ ‬وجوا،‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬أن‭ ‬تدعي‭ ‬أو‭ ‬تسوّق‭ ‬أبجديات‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان؟

اليوم،‭ ‬نرى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تسوّق‭ ‬نفسها‭ ‬كقوة‭ ‬عظمى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬تأبى‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬ضغوطا‭ ‬حقيقية‭ ‬على‭ ‬حليفتها‭ ‬وربيبتها‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬لوقف‭ ‬جرائمها‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ويصل‭ ‬بها‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬إنزال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإغاثية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬جوا،‭ ‬في‭ ‬اعتراف‭ ‬واضح‭ ‬بحجم‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬أهل‭ ‬غزة،‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬عجزها‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬على‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يحترمون‭ ‬أي‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭.‬

 

‭ ‬كلمات‭ ‬أغنية‭ ‬المطربة‭ ‬اللبنانية‭ ‬فيروز‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المأزوم‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬‮٧٥‬‭ ‬عاما‭.‬

سافرت‭ ‬القضية‭ ‬تَعرضُ‭ ‬شكواها‭  ‬فـي‭ ‬رُدهة‭ ‬المحاكمِ‭ ‬الدولية

وكانت‭ ‬الجمعية‭ ‬قد‭ ‬خصصت‭ ‬الجلسة‭ ‬للبحث‭ ‬فـي‭ ‬قضيّة‭ ‬القضيّة

وجاءَ‭ ‬مندوبون‭ ‬عَن‭ ‬سائر‭ ‬الأُمم‭  ‬جاؤوا‭ ‬من‭ ‬الأُمم

من‭ ‬دول‭ ‬الشمال‭ ‬والجنوب

والدولِ‭ ‬الصّغيرة‭ ‬،‭ ‬والدّولِ‭ ‬الكبيرة‭ ‬،

واجتمع‭ ‬الجميع‭ ‬فـي‭ ‬جلسةٍ‭ ‬رسمية‭ ..‬

وكانت‭ ‬الجمعية‭ ‬قد‭ ‬خصصت‭ ‬الجلسة

للبحث‭ ‬فـي‭ ‬قضية‭ ‬القضية‭ ..‬

وخطبَ‭ ‬الأمينُ‭ ‬العامْ‭ : ‬حكى‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ..‬

وبحثَ‭ ‬الأعضاءُ‭ ‬الموضوعْ‭ ..‬

وطُرحَ‭ ‬المشروعْ‭ : ‬عدالةُ‭ ‬القضية‭ ‬،

حريةُ‭ ‬الشُعوب‭ ‬،‭ ‬كرامةُ‭ ‬الإنسانْ‭ ‬وسُرعَةُ‭ ‬الحقوقْ‭ ‬،

وَقفُ‭ ‬إطلاقِ‭ ‬النّار‭ ‬،‭ ‬إنهاءِ‭ ‬النّزاع‭ .‬

التّصويت‭ .. ‬التّوصيات‭ .. ‬البَتُّ‭ ‬فـي‭ ‬المشاكلِ‭ ‬المُعلقة‭... ‬الإجمـــــاع‭ .‬

وصرّحَت‭ ‬مصادِرٌ‭ ‬موثوقة‭ .. ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬المراجعِ‭ ‬المطلعة‭ ‬

ودرست‭ ‬الهيئة‭ ‬وارتأت‭ ‬الهيئة

وقررت‭ ‬الهيئة‭ .. ‬إرسالَ‭ ‬مبعوثْ‭ .‬

وصرّحَ‭ ‬المبعوثْ‭ .. ‬بأنهُ‭ ‬مبعوثْ‭ ‬،

من‭ ‬قِبَلِ‭ ‬المصادرْ‭ .. ‬وأنّ‭ ‬حلاًّ‭ ‬مـــا

فـي‭ ‬طريقِ‭ ‬الحلّ‭ ... ‬وحين‭ ‬جاء‭ ‬الليــــلْ‭ ..‬

كانَ‭ ‬القُضــاةُ‭ ‬تَعِبــــوا‭.. ‬أتعبَهُم‭ ‬طــــولُ‭ ‬النّقاش‭ ..‬

فأغلقوا‭ ‬الــدّفاتر‭ ‬وذهبـــوا‭ ‬للنـوم‭ .‬

وكان‭ ‬فـي‭ ‬الخــارج‭.. ‬صوتُ‭ ‬شــتاءٍْ‭ ‬وظلامْ

وبائســونَ‭ ‬يبحثونَ‭ ‬عن‭ ‬ســلامْ‭..‬

والجوعُ‭ ‬فـي‭ ‬ملاجىْ‭ ‬المشَرّدين‭ ‬ينامْ

وكانتِ‭ ‬الرّياحُ‭ ‬ماتزالْ‭ ....‬

تقتَلعُ‭ ‬الخيــــامْ

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا