العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقالات

استراتيجيات الميزانية لعام ٢٠٢٥ لتحقيق الاستدامة المالية وتنويع الإيرادات

بقلم: رجل الأعمال المهندس إسماعيل الصراف

الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

يمثل‭ ‬إعداد‭ ‬ميزانية‭ ‬البحرين‭ ‬لعام‭ ‬2025‭ ‬فرصة‭ ‬محورية‭ ‬لمراجعة‭ ‬وتطوير‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مالية‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستدامة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ودعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬المالية‭ ‬الحالية‭ ‬والالتزامات‭ ‬التنموية‭ ‬المتزايدة‭ ‬يمكن‭ ‬للبحرين‭ ‬توجيه‭ ‬جهودها‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭ ‬وتنويع‭ ‬الإيرادات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتباع‭ ‬سياسات‭ ‬مبتكرة‭ ‬ومتكاملة‭ ‬تراعي‭ ‬احتياجات‭ ‬الحاضر‭ ‬وتستشرف‭ ‬آفاق‭ ‬المستقبل‭.‬

في‭ ‬البداية،‭ ‬تعتمد‭ ‬الميزانية‭ ‬الفعّالة‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬إنفاق‭ ‬ذكية‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬الموارد‭ ‬نحو‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬أعلى‭ ‬عائد‭ ‬اقتصادي‭ ‬واجتماعي‭. ‬يمكن‭ ‬للحكومة‭ ‬أن‭ ‬تنظر‭ ‬في‭ ‬تخصيص‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ميزانية‭ ‬2025‭ ‬لدعم‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬تنويع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ورفع‭ ‬الكفاءة‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬مثل‭ ‬التعليم،‭ ‬الصحة،‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة‭. ‬فالاستثمار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬بل‭ ‬يسهم‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة،‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬تعتبر‭ ‬إدارة‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬بكفاءة‭ ‬عنصراً‭ ‬أساسياً‭ ‬لاستدامة‭ ‬الميزانية‭. ‬ولتجنب‭ ‬الضغوط‭ ‬المالية‭ ‬المستقبلية،‭ ‬يمكن‭ ‬للحكومة‭ ‬دراسة‭ ‬خطط‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الدين،‭ ‬مثل‭ ‬تمديد‭ ‬آجال‭ ‬السداد‭ ‬أو‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬شروط‭ ‬تمويل‭ ‬مخفضة،‭ ‬بهدف‭ ‬تقليل‭ ‬عبء‭ ‬الفوائد‭ ‬وتحقيق‭ ‬استقرار‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬توجيه‭ ‬الفوائض‭ ‬المالية‭ ‬نحو‭ ‬خفض‭ ‬الدين‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬توسيع‭ ‬الإنفاق‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬التصنيف‭ ‬الائتماني‭ ‬للبلاد،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬تمويلات‭ ‬مستقبلية‭ ‬بكلفة‭ ‬أقل‭ ‬أكثر‭ ‬يسراً‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يأتي‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الإيرادات‭ ‬كإحدى‭ ‬الركائز‭ ‬الرئيسية‭ ‬لتعزيز‭ ‬الميزانية‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية‭ ‬المتقلبة‭. ‬يمكن‭ ‬للبحرين‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬لتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬دخلها‭ ‬عبر‭ ‬تشجيع‭ ‬قطاعات‭ ‬اقتصادية‭ ‬جديدة،‭ ‬مثل‭ ‬السياحة،‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية،‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬توجيه‭ ‬استثمارات‭ ‬حكومية‭ ‬مدروسة‭ ‬نحو‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لهذه‭ ‬القطاعات،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬أكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬للمستثمرين‭ ‬المحليين‭ ‬والدوليين‭.‬

ومن‭ ‬ضمن‭ ‬السياسات‭ ‬الضريبية‭ ‬الممكنة‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬ضرائب‭ ‬بيئية‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬ممارسات‭ ‬تؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬البيئة‭. ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الضرائب‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الإيرادات‭ ‬الحكومية‭ ‬ويشجع‭ ‬الشركات‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬ممارسات‭ ‬مستدامة،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ويحقق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬النمو‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة‭. ‬كذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬توجيه‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬لتمويل‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬ما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬التقليدية‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬الأثر‭ ‬البيئي‭. ‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المالية،‭ ‬يتطلب‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الاستدامة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬إصلاحات‭ ‬تشريعية‭ ‬وإدارية‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬كفاءة‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬وتجعل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬أكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬للاستثمارات‭. ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬هذه‭ ‬الإصلاحات‭ ‬تسهيل‭ ‬الإجراءات‭ ‬البيروقراطية‭ ‬وتقليل‭ ‬التكاليف‭ ‬المرتبطة‭ ‬بإطلاق‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭ ‬أكثر‭ ‬تنافسية‭ ‬ودعماً‭ ‬لنمو‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬للحكومة‭ ‬تعزيز‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬حيث‭ ‬تسهم‭ ‬هذه‭ ‬الشراكات‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الأعباء‭ ‬المالية‭ ‬لبعض‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬الميزانية‭ ‬الحكومية‭ ‬إلى‭ ‬استثمارات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭. ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لا‭ ‬تعزز‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬كفاءة‭ ‬المشاريع،‭ ‬بل‭ ‬تسهم‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬تسريع‭ ‬تنفيذها‭ ‬وتقليل‭ ‬التكاليف‭.‬

ختاماً،‭ ‬تعكس‭ ‬ميزانية‭ ‬2025‭ ‬فرصة‭ ‬حقيقية‭ ‬للبحرين‭ ‬لتبني‭ ‬استراتيجية‭ ‬مالية‭ ‬متكاملة‭ ‬تحقق‭ ‬الاستدامة،‭ ‬وتعزز‭ ‬من‭ ‬تنوع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل،‭ ‬وتدعم‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭. ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬وبتوجيهات‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظهم‭ ‬الله‭ ‬ورعاهم،‭ ‬تتقدم‭ ‬البحرين‭ ‬بخطى‭ ‬ثابتة‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬رؤيتهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬مزدهر‭ ‬ومستدام‭. ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الإنفاق‭ ‬الذكي،‭ ‬وإدارة‭ ‬الدين‭ ‬بحكمة،‭ ‬وتنويع‭ ‬الإيرادات‭ ‬بطرق‭ ‬مبتكرة،‭ ‬تستطيع‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬مستقبلًا‭ ‬ماليًا‭ ‬مستدامًا‭ ‬يضع‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬النمو‭ ‬الدائم،‭ ‬محققة‭ ‬بذلك‭ ‬رؤية‭ ‬قيادتها‭ ‬الحكيمة‭ ‬نحو‭ ‬اقتصاد‭ ‬قوي‭ ‬ومستدام‭.‬

 

‭*‬‭ ‬ماجستير‭ ‬تنفيذي‭ ‬بالإدارة‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ (‬EMBA‭)‬

عضو‭ ‬بمعهد‭ ‬المهندسين‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬البريطانية‭ ‬العالمية‭ (‬MIET‭)‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا