العدد : ١٧٠٨٩ - الأحد ٠٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٩ - الأحد ٠٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ رجب ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

لماذا لم نعد نتأثر بمآسي فلسطين؟

أول‭ ‬السطر‭:‬

في‭ ‬مهرجان‭ ‬‮«‬ليالي‭ ‬المحرق‮»‬‭ ‬استوقفني‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الجلاهمة‭ ‬معرض‭ ‬للمقتنيات‭ ‬القديمة‭ ‬للنائب‭ ‬محمد‭ ‬جناحي،‭ ‬ويتضمن‭ ‬وثائق‭ ‬تاريخية،‭ ‬وأوراقا‭ ‬رسمية،‭ ‬وطوابع‭ ‬بريدية‭ ‬لحكومة‭ ‬البحرين،‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1924،‭ ‬وفيها‭ ‬أول‭ ‬طوابع‭ ‬مالية‭ ‬صدرت‭ ‬من‭ ‬البحرين،‭ ‬وسعرها‭ ‬كان‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ (‬4‭ ‬آنات‭) ‬إلى‭ (‬200‭ ‬روبية‭)‬،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الزمن‭.. ‬وكانت‭ ‬مخصصة‭ ‬للمعاملات‭ ‬الرسمية‭ ‬والتصديق‭ ‬على‭ ‬الأوراق‭ ‬والجوازات،‭ ‬بجانب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المقتنيات‭ ‬النادرة‭.. ‬وأتمنى‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬أن‭ ‬تقتني‭ ‬تلك‭ ‬الطوابع‭ ‬والوثائق،‭ ‬وتضعها‭ ‬في‭ ‬متحف‭ ‬خاص‭ ‬داخل‭ ‬الوزارة،‭ ‬ليطلع‭ ‬عليها‭ ‬المواطنون‭ ‬والوفود‭ ‬الزائرة،‭ ‬لأنها‭ ‬تعكس‭ ‬المسيرة‭ ‬العريقة‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭.‬

لماذا‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نتأثر‭ ‬بمآسي‭ ‬فلسطين؟‭:‬

في‭ ‬لقاء‭ ‬تلفزيوني‭ ‬مع‭ ‬الفنان‭ ‬المصري‭ ‬المثقف‭ ‬الراحل‭ ‬نور‭ ‬الشريف،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬قال‭ ‬كلاما‭ ‬عن‭ ‬تحول‭ ‬مشاعرنا‭ ‬وتبلّد‭ ‬أحاسيسنا‭ ‬مع‭ ‬مشاهد‭ ‬القتل‭ ‬والترويع‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬لقد‭ ‬بدأنا‭ ‬نكره‭.. ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يؤثر‭ ‬فينا‭ ‬مشهد‭ ‬الشهيد‭ ‬الفلسطيني‭.. ‬في‭ ‬السابق‭ ‬كنا‭ ‬نرى‭ ‬صور‭ ‬ولقطات‭ ‬الشهيد‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وهو‭ ‬مكفن‭ ‬بالعلم‭ ‬الفلسطيني‭.. ‬كانت‭ ‬أجسامنا‭ ‬ترتعش‭.. ‬وقلوبنا‭ ‬تتقطع‭.. ‬ومشاعرنا‭ ‬تتفطر‭.. ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬ذلك‭ ‬المشهد‭ ‬مجرد‭ ‬لقطة‭ ‬مكررة‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬بايخ‮»‬‭.. ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬للشهداء‭ ‬والدماء‭ ‬حرمة‭! ‬فهل‭ ‬أصبح‭ ‬الإنسان‭ ‬بلا‭ ‬حرمة؟‮»‬‭. ‬

وبالأمس‭ ‬قالت‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬إن‭ ‬الغارة‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬مستشفى‭ ‬كمال‭ ‬عدوان‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.. ‬أخرجت‭ ‬‮«‬آخر‭ ‬مرفق‭ ‬صحي‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬عن‭ ‬الخدمة‮»‬‭.. ‬وهذا‭ ‬الخبر‭ -‬للأسف‭- ‬كغيره‭ ‬من‭ ‬الأخبار‭.. ‬لم‭ ‬يؤثر‭ ‬فينا‭.. ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يستوقفنا‭.. ‬ليس‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نهتم‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬كثرة‭ ‬الانتهاكات‭ ‬والتجاوزات،‭ ‬وجرائم‭ ‬القتل‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الأبرياء‭ ‬جعلتنا‭ ‬بلا‭ ‬شعور‭.. ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬الآلام‭ ‬والجراح‭.‬

منذ‭ ‬أيام‭ ‬اطلعت‭ ‬على‭ ‬مقال‭ ‬للأستاذ‭ ‬أسامة‭ ‬خلف،‭ ‬بعنوان‭: (‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬صور‭ ‬الأشلاء‭ ‬تؤثر‭ ‬فينا؟‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬كتب‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تغير‭ ‬علينا؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬لنا؟‭ ‬لماذا‭ ‬أصبحنا‭ ‬لا‭ ‬نبكي‭ ‬على‭ ‬القتلى؟‭ ‬لماذا‭ ‬أصبح‭ ‬خبر‭ ‬الموت‭ ‬مجرد‭ ‬رقم؟‭ ‬أذكر‭ ‬وقوع‭ ‬حوادث‭ ‬سير‭ ‬بكينا‭ ‬عليها‭ ‬أياما،‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬الضحايا‭.. ‬وكم‭ ‬من‭ ‬عمارة‭ ‬سكنية‭ ‬فجعتنا‭ ‬عندما‭ ‬هوت‭ ‬على‭ ‬ساكنيها،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬طفل‭ ‬جعلنا‭ ‬نحمل‭ ‬آلام‭ ‬وأوجاع‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬العلاج‭ ‬له،‭ ‬فلفظ‭ ‬أنفاسه‭ ‬وحرق‭ ‬قلوب‭ ‬الملايين،‭ ‬وبثت‭ ‬القصة‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفاز،‭ ‬وظلت‭ ‬تؤثر‭ ‬فينا،‭ ‬بل‭ ‬تبكينا‭.. ‬فماذا‭ ‬جرى‭ ‬لقلوبنا‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬مثل‭ ‬الحجارة؟

ما‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬حتى‭ ‬أصبحنا‭ ‬نجلس‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفاز،‭ ‬ونمر‭ ‬على‭ ‬خبر‭ ‬مقتل‭ ‬العشرات‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وغيرها،‭ ‬فنستمع‭ ‬إلى‭ ‬الخبر‭ ‬وكأنه‭ ‬حديث‭ ‬عابر‭ ‬كأي‭ ‬خبر‭ ‬رياضي،‭ ‬وربما‭ ‬كخبر‭ ‬فني،‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬نلقي‭ ‬بالا،‭ ‬ونبدأ‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬محطة‭ ‬للترفيه‭ ‬أو‭ ‬الدراما،‭ ‬وربما‭ ‬الغناء؟‭ ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬حد‭ ‬فقدنا‭ ‬لمشاعرنا‭.. ‬هل‭ ‬سيأتي‭ ‬يوم‭ ‬علينا‭ ‬نمر‭ ‬فيه‭ ‬قرب‭ ‬الجثث‭ ‬وكأننا‭ ‬لم‭ ‬نرها؟‭ ‬هل‭ ‬سيأتي‭ ‬يوم‭ ‬علينا‭ ‬نجلس‭ ‬ونتسامر‭ ‬ونشرب‭ ‬الشاي‭ ‬والقهوة‭ ‬ونستمتع‭ ‬بجوار‭ ‬أناس‭ ‬يصرخون‭ ‬من‭ ‬جراحهم،‭ ‬والأشلاء‭ ‬تناثرت‭ ‬في‭ ‬المكان‭.. ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬مشاعرنا‭ ‬ماتت،‭ ‬لنصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭.. ‬ولكنه‭ ‬سيناريو‭ ‬مقيت‭ ‬لمستقبل‭ ‬تتسارع‭ ‬فيه‭ ‬الحروب‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬روتينا‮»‬‭.‬

آخر‭ ‬السطر‭:‬

اليوم‭ ‬31‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬يسدل‭ ‬ستار‭ ‬عام‭ ‬مضى‭.. ‬حمل‭ ‬معه‭ ‬ذكريات‭ ‬ومواقف‭ ‬كثيرة،‭ ‬ونجاحات‭ ‬وتجارب‭ ‬عديدة‭.. ‬وغدا‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬نبدأ‭ ‬عاما‭ ‬جديدا‭.. ‬وندعو‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عام‭ ‬خير‭ ‬وصحة‭ ‬وتوفيق‭ ‬للجميع‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا