العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

هوامش

عبدالله الأيوبي

ayoobi99@gmail.com

«التأشيرة السياحية» تربك سوق العمل

البحرين،‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭ ‬تقريبا،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكتفي‭ ‬ذاتيا‭ ‬من‭ ‬الأيدي‭ ‬العاملة،‭ ‬وفي‭ ‬مختلف‭ ‬التخصصات،‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬عمالة‭ ‬وافدة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬هذه‭ ‬حقيقة‭ ‬يدركها‭ ‬الجميع‭ ‬وهي‭ ‬نفس‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكارها‭ ‬أو‭ ‬القفز‭ ‬عليها،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬بطالة‭ ‬عاطلة‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬المواطنين،‭ ‬ليست‭ ‬ظاهرة‭ ‬منحصرة‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬دون‭ ‬آخر،‭ ‬وما‭ ‬تعانيه‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬بطالة،‭ ‬تعانيه‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬النسب،‭ ‬وبحسب‭ ‬مذكرة‭ ‬رفعها‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حول‭ ‬مستجدات‭ ‬التوظيف‭ ‬والتدريب‭ ‬للعام‭ ‬الماضي‭ (‬2022‭)‬،‭ ‬أظهرت‭ ‬انخفاض‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬من‭ ‬7,7‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬إلى‭ ‬5,4‭ ‬بالمائة‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬بطالة‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬مرتفعة‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬تعانيه‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬

وفي‭ ‬سعيها‭ ‬لامتصاص‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تتدفق‭ ‬سنويا‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬تطرح‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬عدة‭ ‬برامج‭ ‬تدريبية‭ ‬لتأهيل‭ ‬المواطنين‭ ‬لمتطلبات‭ ‬التوظيف‭ ‬التي‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬والتي‭ ‬تتغير‭ ‬باستمرار،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتسبب‭ ‬أحيانا‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬بطالة‭ ‬بين‭ ‬خرجين‭ ‬في‭ ‬تخصصات،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬متشبعا‭ ‬بها،‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مطلوبة‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬فجهود‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬لتمكين‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قوة‭ ‬عمل‭ ‬مطلوبة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬بائنة،‭ ‬مثل‭ ‬برامج‭ ‬التدريب‭ ‬وحوافز‭ ‬التوظيف‭ ‬التي‭ ‬تشجع‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية،‭ ‬كلها‭ ‬جهود‭ ‬تعطي‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭.‬

هذه‭ ‬الجهود‭ ‬المثمرة‭ ‬والنتائج‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬تسفر‭ ‬عنها‭ ‬معالجات‭ ‬الوزارة‭ ‬لوضعية‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية‭ ‬وحقها‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬يوفرها‭ ‬السوق،‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬سد‭ ‬الثغرات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬سياسة‭ ‬التوظيف‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬عاطلين‭ ‬بحرينيين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وفي‭ ‬تخصصات‭ ‬وظيفية‭ ‬تشغلها‭ ‬عمالة‭ ‬وافدة،‭ ‬والأمر‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بتلك‭ ‬الوظائف‭ ‬والمهن‭ ‬التي‭ ‬تعزف‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬عن‭ ‬امتهانها‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بقطاع‭ ‬الإنشاءات‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭. ‬

لجنة‭ ‬التحقيق‭ ‬البرلمانية‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬لمناقشة‭ ‬أداء‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬أعداد‭ ‬العمالة‭ ‬التي‭ ‬تغيرت‭ ‬تأشيرات‭ ‬إقامتهم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬تأشيرات‭ ‬سياحية‭ ‬إلى‭ ‬تأشيرات‭ ‬عمل‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2019‮ ‬حتى‭ ‬فبراير‭ ‬2023‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬84526‭ ‬تأشيرة،‭ ‬وفي‭ ‬أول‭ ‬شهرين‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ (‬يناير‭ ‬وفبراير‭) ‬فقط‭ ‬كان‭ ‬عددهم‭ ‬7878‭ ‬‮«‬سائحا‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬‮«‬السياح‮»‬‭ ‬استحوذوا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬كلها‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يعزف‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬عن‭ ‬امتهانها،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬ثغرة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭.‬

اللجنة‭ ‬البرلمانية‭ ‬طالبت‭ ‬بالوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لتحويل‭ ‬التأشيرة‭ ‬السياحية‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬عمل‭ ‬لحين‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬مدى‭ ‬قانونية‭ ‬قيام‭ ‬الهيئة‭ ‬بمنح‭ ‬تصاريح‭ ‬عمل‭ ‬للسياح‭ ‬الداخلين‭ ‬إلى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بموجب‭ ‬تأشيرة‭ ‬سياحية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬جميل‭ ‬حميدان‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‮ «‬إن‭ ‬الأجانب‭ ‬الموجودين‭ ‬بالمملكة‭ ‬تتطلب‭ ‬عملية‭ ‬البتّ‭ ‬في‭ ‬طلبات‭ ‬إصدار‭ ‬تصاريح‭ ‬العمل‭ ‬بشأنهم‭ ‬لدى‭ ‬الهيئة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وجودهم‭ ‬بالمملكة‭ ‬بسند‭ ‬إقامة‭ ‬ساري‭ ‬الصلاحية‮»‬،‭ ‬مضيفا‭ ‬‮«‬أنه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬رغبة‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬عامل‭ ‬أجنبي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتقدم‭ ‬للهيئة‭ ‬بطلب‭ ‬إصدار‭ ‬تصريح‭ ‬تتوافر‭ ‬فيه‭ ‬شروط‭ ‬إصدار‭ ‬تصريح‭ ‬العمل‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬القانون‮»‬‭.‬

ما‭ ‬يقوله‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬صحيح،‭ ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالظروف‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬يحتاج‭ ‬فيها‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬استقدام‭ ‬عمالة‭ ‬أجنبية‭ ‬للعمل‭ ‬لديه،‭ ‬وإنما‭ ‬الأمر‭ ‬هنا‭ ‬يتعلق‭ ‬تحديدا‭ ‬بالتأشيرة‭ ‬السياحية،‭ ‬التي‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬تستغل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البعض‭ ‬للالتفاف‭ ‬على‭ ‬مطالب‭ ‬ودعوات‭ ‬التوطين‭ ‬الوظيفي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬حملة‭ ‬التأشيرات‭ ‬السياحية‭ ‬الذين‭ ‬تغيرت‭ ‬تأشيرات‭ ‬إقامتهم‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬تأشيرات‭ ‬سياحية‭ ‬إلى‭ ‬تأشيرات‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ثغرة‭ ‬يجب‭ ‬معالجتها،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬حق‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬استقدام‭ ‬العمالة‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬انتظار‭ ‬‮«‬السياح‮»‬‭ ‬لتوظيفهم‭.‬

من‭ ‬شأن‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬الثغرة‭ ‬أن‭ ‬تشوش‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬لتوطين‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬وجعل‭ ‬أولوية‭ ‬التوظيف‭ ‬للبحريني،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬الأهداف‭ ‬المعلنة‭ ‬للوزارة،‭ ‬وهي‭ ‬تمكين‭ ‬وجعل‭ ‬المواطن‭ ‬أولوية‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬النسبة‭ ‬المتدنية‭ ‬من‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالله الأيوبي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا