هوامش
عبدالله الأيوبي
ayoobi99@gmail.com
المرأة البحرينية الرقم الحاضر بقوة
لا يختلف اثنان على أن كثيرا من العراقيل والعقبات أزيلت من أمام المرأة البحرينية، سواء من خلال سن التشريعات التي تنص صراحة على حقوق المرأة ورفض الانتقاص من هذه الحقوق والعمل على مساواتها مع تلك التي يتمتع بها الرجل، أو من خلال تطور الوعي المجتمعي البحريني بشأن مكانة المرأة البحرينية، وهذا الوعي المجتمعي جاء نتيجة تراكمات طويلة لعبت فيها المرأة دورا مهما من خلال إصرارها على الحضور في مختلف المحافل وتمكنها من اقتحام العديد من المجالات والميادين، ومنها ما كان في فترة من الفترات حكرًا على الرجال، إن كان ذلك بقوة القانون الذي كان سائدا أو بحكم الواقع الاجتماعي الذي لم يكن منصفا للمرأة، هذه العوامل كلها كانت من المؤثرات التي أسهمت في تغيير واقع ووضع المرأة البحرينية عبر العقود الماضية والسنين الماضية.
تكاد لا تذكر تلك القوانين البحرينية التي تميز بين المرأة والرجل وتعطي حقوقا للرجل وتحرم المرأة منها، باستثناء قانون الجنسية الذي لا يعطي لأبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي حق الحصول على الجنسية البحرينية، على خلاف أبناء البحريني المتزوج من أجنبية إذ لا يواجهون أي مشكلة في هذا الشأن، الأمر الذي ينظر إليه على أنه تمييز بين الجنسين في هذا الحق، ومع ذلك فإن هناك مناقشات ومطالبات بتعديل القانون، لكن وجود مثل هذه الثغرة الحقوقية، لا يقلل من أهمية الشوط الكبير الذي قطعته البحرين على طريق إزالة كل أشكال التمييز بين الجنسين.
بعيدا عن دور الوعي المجتمعي في إزالة العقبات والعراقيل وتذليل الصعاب المجتمعية من أمام مسيرة تقدم المرأة البحرينية، فإن هذا الوعي لا يمكن ترجمته إلى فعل إلا من خلال سن القوانين والتشريعات الوطنية في هذا الشأن، وهذه مسؤولية السلطتين التنفيذية والتشريعية، ثم إن انضمام مملكة البحرين إلى عديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بإزالة الفوارق الحقوقية بين الجنسين، كما هو الحال مع اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) التي انضمت إليها المملكة عام 2002، هي خطوات تعكس التزام المملكة وجديتها في تمكين المرأة من تجاوز وضع التمييز الذي عانت منه في الماضي، كغيرها من نساء مختلف الدول.
منذ انضمام مملكة البحرين إلى هذه الاتفاقية الدولية في عام 2002، دأبت المملكة على تقديم تقاريرها الوطنية بشأن متابعة تنفيذ ما نصت عليه هذه الاتفاقية الدولية المهمة والأخذ بعين الاعتبار، الملاحظات التي يتم تسجيلها على مضامين التقارير الوطنية، وكان آخرها التقرير الوطني الذي حظي بإشادة من اللجنة المختصة، وهذا أمر متوقع، فالدلائل والقرائن كلها تشير إلى أن البحرين قطعت شوطا طويلا على طريق الالتزام بتمكين المرأة البحرينية والعمل، بما لا يصطدم بواقع اجتماعي خاص، على تنفيذ ما جاء في هذه الاتفاقية وما وافقت عليه المملكة، والذي يتماشى مع برامج تمكين المرأة.
لا شك في أن التعليم النظامي الذي بدأ في البحرين قبل أكثر من قرن من الزمان وانخراط المرأة في العملية التعليمية النظامية بما يقارب العشرة عقود، لعب دورا رئيسيا في رفع مستوى الوعي المجتمعي بين مختلف فئات المجتمع، ومع تطور العملية التعليمية تهاوت كثير من التقاليد المجتمعية الموروثة التي تحمل في مضمونها تمييزا «عفويا» دفعت المرأة ثمنه طوال عقود، ومع هذه العملية التطورية، تحولت التحفظات «الذكورية» التي كانت ترفع في وجه مشاركة المرأة البحرينية وحضورها في الشأن العام، إلى مجرد مادة أرشيفية.
وكما كان لفتح الأبواب التعليمية مبكرا أمام المرأة دور مؤثر في الإزالة التدريجية للعديد من التحفظات المجتمعية، فإن ذلك كان يقابله استعداد قوي وإصرار من جانب المرأة ذاتها واندفاع نحو الحضور والمشاركة في عديد من المحافل والفعاليات الوطنية، الأمر الذي ساهم بدوره في تذويب وإزالة مختلف العراقيل والعقبات من أمامها وأسهم في تمهيد الطريق وتسهيلها أمام سن عديد من القوانين التي تنصف المرأة وتعيد إليها حقوق، كانت حكرا على الرجل، منها على سبيل المثال، حقها في المشاركة السياسية، سواء في الانتخابات البلدية أو النيابية، وهو الحق الذي نص عليه بموجب دستور المملكة الصادر سنة 2002.
المرأة البحرينية اليوم تشغل مواقع ومراكز متقدمة وأصبحت عنصرا فعالا وحاضرا بقوة في الحياة العامة وفي المناصب القيادية، الحكومية منها والأهلية، وباتت تحظى بدعم مجتمعي ملموس تجسد في تحقيقها الفوز بمقاعد برلمانية وبلدية عبر صناديق الاقتراع، وليس التعيين، ومن المؤكد أن ما تبقى من تمييز مجتمعي، أو حتى قانوني ليس أمامه سوى وقت قصير قبل أن يزول وينتهي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك