هوامش
عبدالله الأيوبي
ayoobi99@gmail.com
مجزرة نابلس تفضح العالم «الحر»
خلفت الجريمة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» في مدينة نابلس الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، 11 شهيدا فلسطينيا، و295 مصابا، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وهي أعلى حصيلة من الشهداء والمصابين الذين يسقطون جراء جريمة «إسرائيلية» هذا العام وفي يوم واحد، هذه الجريمة، لاقت إدانة عربية واسعة ووصفتها الجامعة العربية في بيان الإدانة الصادر عنها بــ«المجزرة»، وهو الوصف الصحيح لمثل هذا العمل الإجرامي من جانب قوات سلطات الاحتلال، والذي جاء مباشرة بعد أن نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في تعطيل طرح مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي يطالب بإدانة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويطالب بإيقافه.
بحسب ما رشح من معلومات، فإن الإدارة الأمريكية حصلت على «تطمينات» من جانب سلطات الاحتلال بوقف الاقتحامات للمدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، خاصة وأن شهر رمضان على الأبواب، وما له من خصوصية دينية لدى المسلمين الفلسطينيين، والمسلمين في شتى أنحاء العالم بشكل عام، لكن هذه «التطمينات»، إن صحت، فإنها مجرد أوهام، فسلطات الاحتلال «الإسرائيلي» لديها مخطط استراتيجي تنفذه دون أي اكتراث أو مبالاة بما يصدر عن الدول والمنظمات من إدانات وشجب، هذا المخطط يقوم على تصفية الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني من خلال تنفيذ شتى أنواع الجرائم.
ما تنفذه سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا يمت بأي صلة لما تقوله هذه السلطات وحلفاؤها من خلف المحيط والبحار، من أنها تمارس «حقها المشروع في الدفاع عن النفس»، ذلك أن وجود جنودها ومستوطنيها في الأراضي الفلسطينية، هو وجود غير شرعي وغير قانوني، باعتراف وتأييد مؤسسات الشرعية الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، وما هذه الحجة إلا ذريعة، وهي بالمناسبة تحظى بتأييد مطلق من جانب الإدارات الأمريكية المختلفة، هذه مجرد ذريعة للتغطية على الهدف الاستراتيجي المتمثل في إفراغ المناطق الفلسطينية من سكانها عبر سياسة التوسع الاستيطاني والتنكيل ومصادرة الممتلكات وجرائم القتل المتعمد شبه اليومية.
جريمة نابلس البشعة، وإن كانت هي الأعلى حصيلة من حيث أعداد الشهداء الذين يسقطون هذا العام في يوم واحد، إلا أنها تبقى حلقة في سلسلة طويلة من الجرائم التي تقترفها سلطات الاحتلال على مدى أكثر من سبعة عقود ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وهي جرائم لن تتوقف طالما أصرت سلطات الاحتلال على مصادرة الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني الذي يرفض الخنوع لسياسة النهب والسلب وأثبت أبناؤه جيلًا بعد آخر أنه لن يفرط في هذه الحقوق رغم سياسة البطش والقتل اليومي التي تمارسها سلطات الاحتلال في محاولاتها كبح جماح النضال والإصرار الوطني الفلسطيني.
لا يمكن وصف ممارسات سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» ضد أبناء الشعب الفلسطيني سوى بالممارسات الإجرامية، باعتبار أن وجود سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية هو وجود غير شرعي، وهي حالة تعطي أبناء الشعب الفلسطيني كامل الحق في مقاومة هذا الوجود بكل الوسائل المتاحة، وهو نضال تقره جميع الشرائع الدولية، بمعنى أن الفلسطينيين يمارسون حقا مشروعا للدفاع عن أنفسهم وحقوقهم في وجه سلطات احتلال تريد أن تفرض هيمنتها وتصادر حقوقهم بالأساليب الإجرامية التي تمارسها يوميا والمتمثلة في القتل المتعمد من دون تمييز بين طفل وشيخ.
العالم الذي يقف متفرجا مكتفيا بالإدانة تارة والاستنكار تارة أخرى لهذه الجرائم، نراه يقف عاجزا عن كبح جماح هذه السياسة الإجرامية، رغم معرفة وإقرار جميع دول العالم، وفي مقدمتهم أصدقاء سلطات الاحتلال وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، بأن الوجود «الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينية هو وجود غير شرعي ويتنافى مع جميع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بهذه الأراضي، ومع ذلك، فإن مواقف هذه الدول لا تتعدى التعبير عن «القلق من تصاعد العنف» ودعوة «جميع الأطراف إلى ضبط النفس»، أي مساواة وقحة بين الضحية والجلاد، وبين المعتدي المغتصب والمعتدى عليه مسلوب الحقوق، بدلا من وقف العدوان وإجبار المعتدي على إعادة الحقوق المشروعة إلى أبنائها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك