هوامش
عبدالله الأيوبي
ayoobi99@gmail.com
يوم تحرير الكويت يبقى في الذاكرة
استقبلت دولة الكويت الشقيقة يومي 25 و26 فبراير المناسبتين الوطنيتين العزيزتين على قلوب أبناء الشعب الكويتي وأشقائهم الخليجيين والعرب، وهما العيد الوطني (25 فبراير ويوم التحرير 26 من الشهر نفسه)، بالنسبة إلى أبناء الكويت، وأبناء الخليج والعرب بشكل عام، فإن يوم السادس والعشرين من فبراير ليس مناسبة عادية حيث يبقى حاضرا في ذاكرة أبناء الكويت كيوم تاريخي لا يمكن أن تتراجع قيمة استقباله والاحتفاء بذكراه، حيث شكل هذا اليوم بداية التحرر من احتلال القوات العراقية لدولة الكويت والذي استمر ما يقارب الستة أشهر بعد عملية غدر لم يسبق أن تعرضت لها دولة عربية من جانب دولة شقيقة جارة، حدث ذلك يوم الثاني من أغسطس عام 1990 عندما اجتاحت القوات العراقية في ذلك اليوم الدولة الشقيقة واحتلتها وألغت وجودها كدولة مستقلة ذات سيادة معترف بها، بما في ذلك اعتراف من جانب الحكومة العراقية نفسها.
لم يتسبب الاحتلال العراقي لدولة الكويت في إحداث شرخ عميق في نفوس الكويتيين الذين يحسب لهم وقوفهم القوي والمخلص إلى جانب العراق حين كان يخوض حربا ضروسا مع إيران على مدى ثماني سنوات، حيث كانت الكويت من بين الدول العربية التي قدمت، بسخاء، دعمها لأشقائها في بغداد، ومع ذلك، فإن نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين رد هذا الدين بجريمة الغزو التي من الصعب، إن لم نقل من المستحيل، ألا تبقى عالقة في أذهان وذاكرة أبناء الكويت.
في الحديث عن الغزو العراقي، تبقى هذه الجريمة واحدة من المحطات التاريخية التي ستبقى عالقة في ذاكرة العلاقات بين البلدين الجارين، لما تسببت فيه من آثار سلبية على هذه العلاقات وامتدت هذه الآثار إلى العلاقات العربية العربية، ورغم فداحة الحدث، وردة الفعل الشعبية الكويتية والعربية أيضا على هذه الجريمة، وخاصة في تلك الفترة، إلا أنه وبفضل المواقف المبدئية التي تتحلى بها القيادة السياسية الكويتية، فإن هذه الجريمة لم تفسد العلاقات الأخوية بين الشعبين الكويتي والعراقي، ولم تحل دون فتح الكويت لصفحة جديدة من العلاقات الثنائية، باعتبار أن الشعب العراقي ليس هو من قرر غزو العراق وأن نظام الحكم في بغداد الذي جاء بعد الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ليس هو النظام الذي قرر أو شارك، أو حتى دعم هذه الجريمة.
من حق الشعب الكويتي أن يحتفل بيوم الخلاص من الاحتلال، واستعادة دولته الوطنية المستقلة، وبالمناسبة، فإن نظام الرئيس العراقي الراحل، لم يتسبب بجريمة غزو الكويت في إلحاق الأذى والضرر بأبناء الشعب الكويتي الشقيق وبمرافق دولتهم الحيوية، فسحب، وإنما تسببت هذه الجريمة، غير المبررة على الإطلاق، في إدخال أبناء الشعب العراقي نفسه في نفق مظلم وقاس، بعد عام ونصف العام تقريبا من توقف الحرب العبثية مع إيران والتي دفع أبناء الشعب العراقي من دمائهم وأرواحهم وممتلكاتهم أرقاما لا يمكن إحصاؤها، ثم تضاف إليها أثمان أكثر فداحة نتجت عن تداعيات غزو الكويت ومن ثم حرب تحريرها وصولا إلى جريمة الغزو الكبرى المتمثلة في الاجتياح الأمريكي للكويت عام 2003 وتدمير البلد ومستقبل شعبه.
إحياء الكويت لذكرى التحرير، يعد فرضا وواجبا تجاه الوطن والشهداء الذين سقطوا على طريق استعادة الشعب لحريته واستقلاله الوطني، وهذا لا يعني أن الكويت بإحيائها لهذه الذكرى تريد أن تقلب مواجع ذلك الحدث غير الطبيعي وغير المسبوق في علاقات الدول العربية ببعضها البعض، ولا يعني أنها تريد تذكير أبناء العراق بالثمن الباهظ الذي وقع على عاتقهم جراء ذلك الخطأ الفادح من جانب النظام السابق، لأنها (الكويت حكومة وشعبا) على قناعة تامة من أن أبناء العراق ليسوا مسؤولين عن تلك الجريمة.
يمكن القول إن الشعبين الكويتي والعراقي، وحكومتي البلدين أيضا، قد طووا تقريبا تلك الصفحة السوداء التي طرأت على العلاقات بين الجانبين جراء الغزو غير المبرر من جانب العراق لدولة الكويت، فالعلاقات الكويتية العراقية تنمو وتتطور بشكل طبيعي وهي تتسم بالاحترام المتبادل وحسن الجيرة، باعتبار ذلك يمثل ركيزة أساسية للعلاقات بين الدول، وخاصة دول الجوار التي لا يمكن أن تفترق جغرافيا، مهما كانت هناك من خلافات أو مشاكل، أيا يكن نوعها وحجمها، مع أن العلاقات الكويتية العراقية، كانت قبل الغزو على أحسن ما يرام ولم تتسم بالتأزم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك